سماحة السيد والخوف على لبنان من الصوملة
عمر عبد القادر غندور
عندما أطلق أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله قبل الانتخابات النيابية الأخيرة وبعدها مباشرة الحملة على الفساد المستشري، قلنا انّ سماحة السيد ركب مركباً خشناً في مواجهة ملف كبير يستمدّ مناعته من رؤوس كبيرة وهو من أمضى الأسلحة المعتمدة في إنتاج السلطة وإعادة إنتاجها من جديد.
وبالفعل، نرى اليوم كيف هبّت قبيلة الفساد وبطونها وأفخاذها مستخدمة الأسلحة الثقيلة والسلاح المذهبي للدفاع عن مكتسباتها، لعلمها أنّ التحقيقات ستدينها وستطوّقها وتمنع عنها الهواء، وهي معركة ليست بالسهولة بمكان.
ولا شك أنّ سماحة السيد يعي اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أنّ المعركة مع الفساد ستكون شرسة ولن تنتهي بالنقاط بل بالضربة القاضية.
وبغضّ النظر عن مقرّرات مؤتمر «سيدر» وأهدافه الظاهرة والدفينة، فهو ليس جمعية خيرية، ويشترط البدء في الإصلاح للاستفادة من التمويل، وفي مقدّمة هذا الإصلاح تنظيف الإدارة وتعقيمها للتخلص من الفساد والمفسدين، ولا نستبعد تكاتف الأضداد في مواجهة الإصلاح في بلد فاسد من فوق إلى تحت ومن تحت إلى فوق.
ولا شكّ أيضاً انّ سماحة السيد يستشعر بتجذر الفساد في الإدارات الرسمية فأطلّ الأسبوع الماضي ليؤكد وبإصرار وقوة انّ ملف الفساد فُتح ولن يُغلق إلا بعد وصوله الى خواتيمه، وعلى الجميع أن يتأكدوا أنّ حزب الله ماضٍ في حملته، وان ينتظروا منه أيّ شيء في هذا المضمار، لأنّ البلد دخل في المجهول وبات مهدّداً كيانياً ما يستوجب الدفاع عن الوطن وعن الهوية وعن الوجود.
ومع الأسف الشديد لم نلاحظ بعد شهر على تشكيل الحكومة، حراكاً بمستوى الأخطار التي تهدّد وطننا! بل نرى انقسامات وتباينات في مجلس الوزراء حول مواضيع جوهرية لا يجوز الاختلاف عليها كقضية النازحين السوريين!
سماحة السيد المُؤيّد والمُسدّد لا يمزح بمثل هذه الأمور ولا غيرها، وهو يستشعر خطراً وجودياً يستدعي الدفاع عن الوطن كواجب الدفاع عن حدوده كافة…
ربما كثير من اللبنانيين لا يعلمون أنّ لبنان من ضمن الدول الفاشلة تصنيفاً كالصومال وتشاد وزيمبابوي وأفغانستان!
والدولة الفاشلة هي التي لا يتحقق فيها الحدّ الأدنى من النمو، وتغرق في الفساد والعتمة والنفايات وتلوّث المياه والديون والأزمات الاقتصادية والسياسية والبطالة، والعاجزة عن القيام بوظائفها الأساسية من اجتماعية وخدماتية وصحية وبيئية.
أليس هذا توصيف دقيق لما نحن عليه؟
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/03/15