وعد ترامب…المشؤوم
د. محسن القزويني
أبى دونالد جون ترامب إلا أن يسجل إسمه في الخالدين في تاريخ إسرائيل ليصبح قرينا لوزير خارجية بريطانيا ارثر جيمس بلفور بعد أكثر من مائة عام عندما وهب أرض فلسطين لليهود بتاريخ 2 نوفنبر من عام 1917 ضاربا بعرض الحائط الاعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة و مبادئ حقوق الإنسان و حق الشعوب باراضيها ومقدساتها، وكأنه لم يحدث شئ خلال قرن من الزمن.
فالمنطق نفس المنطق.
والأسلوب عين الأسلوب.
لكن هل عرب اليوم نفس عرب الأمس؟
هل سيسكتوا على بلفور جديد كما سكتوا قبل قرن من الزمن.
هل سيوافقوا على اقتطاع أرض عربية ومنحها لإسرائيل على طبق من ذهب؟
بالأمس فلسطين واليوم الجولان وغدا من يدري أية ارض عربية أخرى سيهبها ترامب ، أو أي رئيس أمريكي قادم لإسرائيل.
فقد اتخم ترامب بالكرم العربي فنسي كل شئ ، نسي أن العالم قد تغير خلال هذا القرن. واسكره صمت العالم عندما اعلن القدس عاصمة لإسرائيل وقرر نقل السفارة الأمريكية إليها.
وعندما داس بإقدامه على قرار مجلس الامن 2231 (2015) الذي ايد فيه بالاجماع خطة العمل الشاملة المشتركة حول المسالة النووية الإيرانية ، وهو أقبح ما يفعله رئيس دولة عندما يلغي اتفاقا دوليا وقعت عليه دولته ، وهو عمل لا يفعله أي إنسان متحضر فما بالك برئيس دولة كبرى كالولايات المتحدة.
وأخيرا وليس آخرا انتهاكه للعشرات من قرارات الامم المتحدة حول الجولان السورية.
قرار 122-35الصادر بتاريخ 1980/12/11 الذي أدان فيه إسرائيل لفرضها تشريعا ينطوي على إحداث تغييرات في الجولان السورية.
قرار 207-35 الصادر بتاريخ 1980/12/16 والذي جدد فيه رفضه الشديد لقرار إسرائيل بضم الجولان إلى الأراضي الإسرائيلية.
قرار 147-36 الصادر بتاريخ 1980/12/16 والذي أدان فيه إسرائيل لممارساتها بفرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على المواطنين السوريين في الجولان.
وقرار الجمعية العامة في الدورة 43 بتاريخ 1981/12/11 الذي طالب فيه إسرائيل بإلغاء فرض قوانينها على الجولان.
قرار مجلس الأمن رقم 497 والذي تم اتخاذه بالاجماع في 17 ديسمبر 1981 والذي يدعو فيه إسرائيل إلى الغاء ضم مرتفعات الجولان.
والقرار الاممي بتاريخ 1987/9/11 والذي أدان فيه انتهاكات حقوق الإنسان في الجولان.
وقرار مجلس حقوق الإنسان الصادر بتاريخ 2014/3/28 والذي أدان فيه تصرفات إسرائيل في الجولان.
وأخيرا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2018/11/16 والذي تم التصويت عليه بالاغلبية وفيه أقر بسيادة سوريا على الجولان ( المحتل )،
واعتبار كل الاجراءآت المتخذة من سلطة الاحتلال باطلة ولاغية.
وياتي هذا الوعد الترامبي بعد أن قامت وزارة الخارحية الأمريكية باسقاط صفة الاحتلال عن مرتفعات الجولان والضفة الغربية وغزة في تقريرها السنوي الأخير لحقوق الإنسان.
وهكذا تتوزع الأدوار بين مايك بومبيو وترامب تمهيدا لزيارة نتنياهو إلى واشنطن والتي ستمهد الطريق لفوز نتنياهو بولاية خامسة قي انتخابات 9 أبريل القادم.
فالحلف الأمريكي – الإسرائيلي ( ترامب – نتنياهو) حلف مصيري يحقق ما تصبو اليه الولايات المتحدة في شرق أوسط جديد تحت مسمى صفقة القرن والذي بدا بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، واليوم الجولان وغدا غزة وبعد غد الضفة الغربية ،وبعدها تفتيت الدول العربية قطعة قطعة وصولا إلى إسرائيل الكبرى.
فالمركب الإسرائيلي يسير وفق ما رسم له.
لكن أين الموقف العربي؟
هل سنكتفي ببيانات التنديد والشجب والاستنكار على الطريقة التي اعتدنا عليها؟ ، أم سيكون لنا موقفا عمليا لمواجهة هذا الوعد المشؤوم.
موقف يتناسب مع حجم مصادرة أرض عربية واقتطاعها من الجسد العربي والحاقها بإسرائيل الكبرى التي لا نهاية لامتدادها على رقعة الخارطة.
وقد اشرت إلى ذلك عندما قرر ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قلت وقتها : انتظروا قرارا آخر لترامب إذا سكت العالم عن هذا القرار.
اليوم أقولها مرة أخرى : انتظروا وعدا آخر من ترامب لنتنياهو إذا سكتنا ولم نحرك القضية في المحافل الدولية ، ولم نحرك الآليات السياسية والاقتصادية التي نملكها ضد هذا المشروع الأمريكي الصهيوني.
وقبل أن يتخذ الكونغرس الأمريكي أية خطوة باتجاه تاييد ترامب، فإن أمام العرب والمسلمين والعالم الحر مسؤولية طرح هذا الموضوع أمام محكمة العدل الدولية – وهو أضعف الإيمان – وذلك لمنع إسرائيل من تحويل الجولان إلى أرض إسرائيلية .
لاصدار قرار أممي متضمنا “أن ضم الجولان لإسرائيل هو شكل من اشكال الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة” ، وهو عمل مرفوض بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/03/23