هل تحكم النخب أميركا؟
أيمن الحماد
تدور رحى الانتخابات الأميركية، ويأخذ زخمها في الارتفاع شيئاً فشيئاً بانتظار الثامن من نوفمبر موعد انتخاب الرئيس الرابع والخمسين للولايات المتحدة، وإلى ذلكم الحين تبذل وسائل الإعلام جهدها في إحاطة المشاهد بالدائر والحاصل في المشهد الانتخابي الأميركي بشكل شبه يومي، وتتناقل أخبار المرشحين وتصريحاتهم وفرص فوزهم وحتى فضائحهم وماضيهم وتفاصيل بعضها غير مهم، وكل ذلك انطلاقاً من أهمية الحدث الذي لا شك بأنه محط أنظار العالم.
في تلك الأثناء يَشخص المتابعون من مختصين ومهتمين ومراقبين إلى الشاشات للاستماع إلى رؤى مرشحي البيت الأبيض، لاسيما في مناظراتهم التي من خلالها يحاولون استمالة الناخب الاميركي، وكسب تعاطفه، واقناع المشاهد والمتابع بالتصويت لهم، لكن الحاصل اليوم في المشهد الانتخابي يبعث على التعجب، فمن يستمع إلى سطحية التصريحات، ومستوى الحديث الدائر في نقاشات ومناظرات المترشحين الأميركيين للرئاسة من الحزبين - على حد سواء - يتفاجأ من شكل ونوع الطرح ومستوى النقاش الدائر بين من يفترض بهم قيادة أهم دول العالم قاطبة وهي الولايات المتحدة.
فالمناظرات التي تحظى بنسب عالية في المشاهدة تحولت إلى سيرك حقيقي؛ فالمترشح دونالد ترامب -مثلاً- يحاول التقليل من خصمه مارك روبيرو فيهزأ بأذنيه الكبيرتين!، والأخير يتهم الأول بالنصب!، ويستمر التنابز بين مرشحي الرئاسة بشكل يوحي إما بتدني المستوى الفكري لتلك الشخصيات أو يقينهم أن الرأي العام الأميركي لا يهتم بمبدأ عمق ورزانة المرشح، بقدر ما يكون قادراً على إحداث جلبة أو إثارة الجدل أو الالتزام بأداء مسرحي مقنع، والأمر لا يقتصر على الجمهوريين بل حتى الديموقراطيين.
وتكشف الاستطلاعات ارتفاع فرص المترشح الأكثر صخباً في الانتخابات وهو دونالد ترامب كلما احتدت وطاشت تصريحاته، ومثل هذه الارقام والاستطلاعات تقودنا إلى طرح سؤال مهم، هل من يحكم أميركا بالضرورة هم الصفوة أو النخبة؟ في واقع الأمر يبدو أن النخب الذين يتم الاستدلال عليهم من خلال اتزان كلامهم وثقافتهم وكياستهم لا يحكمون أميركا على كل حال، فتلك المواصفات لا يبدو أنها حاضرة لدى أغلب مترشحي الرئاسة..
يقابل ذلك الاستنتاج إصرار الاميركيين بشكل غير مباشر على اعتبار أن المترشحين الحاليين القادرين على الوصول إلى البيت الابيض هم الأكثر جموحاً وعلى رأسهم دونالد ترامب، ويتضح من ذلك أن مجتمع الولايات المتحدة يفرز نخبته من خلال الواقع الاميركي الصاخب؛ لذا رأينا الممثل الشهير أرنولد شواتزينيجر يصبح حاكماً لأهم ولاية في أميركا وهي كاليفورنيا، ورونالد ريغان الممثل الهوليوودي يصبح الرئيس الاميركي الأربعين، حتى الرئيس أوباما كان وجهاً آخر للصخب الاميركي، على الرغم من أن مفهوم النخبوية من اتزان وثقة وثقافة ينطبق عليه، لكن مكمن الصخب إيصال أول رجل من الأفريقيين- الأميركيين إلى البيت الأبيض؛ وهذا يقودنا إلى تساؤل آخر، إذن كيف نجحت أميركا في قيادة العالم إذا كان الصفوة لا يقودونها بالضرورة؟
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/03/13