مستقبل الصيدلة إلى أين؟
عبد العزيز الساحلي
مع مطلع القرن الـ 21 برز كثير من المتغيرات والتحديات التي واجهت أسواق العمل العالمية، حيث ساهمت التقنية والذكاء الاصطناعي في خلق فرص عمل جديدة، فيما تلاشت أخرى، وأغنى تطور التقنية عن وجود الإنسان في كثير من الأعمال، حيث اندثرت الآلة الكاتبة والطباعة بدأت في الاضمحلال وأصبح البريد الالكتروني يحل مكان المراسلات، لتصل الملفات الضخمة في غضون ثوان دون أن تزدحم مكاتب البريد بالورق والمظاريف.
وتشير كثير من التوقعات إلى أن هناك المئات من الوظائف والأعمال سوف تنقرض وتختفي لتحل محلها الآلة بكفاءة عالية وذكاء اصطناعي كبير يحقق الأعمال المطلوبة بدقة عالية دون غياب أو انقطاع عن العمل، وبشكل متواصل ومستمر ليحقق الأهداف المطلوبة وينجز الأعمال بسرعة فائقة.
ودخلت برامج الخصخصة كأحد الحلول البرامجية لتقديم الخدمات والبعد عن الأداء المركزي لتحقيق المرونة الكافية وسرعة اتخاذ القرار والوصول إلى الأهداف المرسومة وفق مؤشرات الأداء الحديثة، وذلك للرقي بالخدمات وتجويدها.
تخوض وزارة الصحة لدينا اليوم مرحلة مهمة وتجربة كبيرة في برامج التحول إلى برامج صحية عن طريق خصخصة الخدمات لتقدم الخدمات المطلوبة وفق أحدث المعايير العالمية عبر الشراكة مع القطاع الخاص.
ومن هذه التحولات التي نشاهدها تنفيذ برامج في بعض المراكز الصحية، حيث يستفيد المريض من الأدوية الموصوفة له من أقرب صيدلية تجارية، ولا شك أنها تجربة مميزة وثرية، لكن هناك صعوبات وعقبات أعتقد أنه يجب أن يدركها القائمون على الشأن الصحي، خاصة حول مستقبل مهنة الصيدلة والصيادلة.
ولا أعلم حقيقة أين سوف يذهب مجموع الصيادلة العاملين في المراكز الصحية إذا تم تعميم هذا البرنامج على جميع المراكز الصحية في المملكة؟ وما هي البدائل المتاحة لهم؟
وماذا عن مستقبل الصيادلة العاملين في القطاع الحكومي والقابعين على مقاعد الدراسة وحجم الاحتياج في سوق العمل؟ فهناك كليات حكومية وخاصة تخرج أعدادا كبيرة من الصيادلة! وما هي التخصصات المستقبلية المتاحة لهم؟ وأين فرص توظيفهم؟ خاصة أن مشاركة القطاع الخاص في التوطين ما تزال ضعيفة وخجولة.
هناك بعض الجوانب التي يجب اختبارها بشكل فعال قبل تعميم التجربة، فمثلا ماذا لو لم يقتنع المريض بالأدوية الموصوفة له من قبل الطبيب؟ سوف يشتري على حسابه الخاص أدوية قد لا تتناسب مع حالته الصحية، إذا استبعدنا المضادات الحيوية طبعا التي لا تصرف إلا بوصفة طبية، ولكن قضية الرقابة على القطاع الخاص تظل من الأمور الشائكة والمعقدة.
أعتقد أن هناك حاجة كبيرة لوجود شركة كبيرة للتصنيع الدوائي، خاصة فيما يتعلق بالأمن الدوائي ومستقبل الصناعة الوطنية، والفرصة مناسبة وسانحة لإيجاد استراتيجية لتأمين الدواء وتصنيعه محليا، وفتح مجالات للتوطين، وكذلك فرص وظيفية للكفاءات الوطنية والاعتماد عليها لسد الاحتياج المحلي من الأدوية والمستلزمات الطبية.
ما يزال القطاع الخاص فتي التجربة في حمل مسؤولية تقديم الرعاية الصحية، وسوف تكون له انعكاسات غير جيدة تنعكس بدورها على أداء الرعاية الصحية والخدمة المقدمة للمواطن، بل يجب التدرج في تقديم الخدمة وجعل المنافسة هي المعيار الحقيقي لكسب رضا المستفيدين، والتراجع عن أي خطوة إذا ثبت عدم جدواها أو تكون غير مجدية على المديين البعيد أو القريب.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2019/05/10