إذا وقعت الحرب بين إيران وأميركا
حميدي العبدالله
واضح أنّ احتمال وقوع حرب، أو مواجهة بين إيران والولايات المتحدة، احتمال موجود حتى وإنْ كان هو الاحتمال الأضعف، ولكن ماذا إذا وقعت الحرب؟
إذا وقعت الحرب ستكون ساحاتها عديدة، في الخليج وفي العراق، وفي سورية، وحتى بين الكيان الصهيوني وحلفاء إيران، لا سيما المقاومة اللبنانية وبعض المقاومة الفلسطينية، هذا يعني إنْ وقعت الحرب ستكون حرباً واسعة جديدة، ومساحاتها تمثل أهمّ مناطق تمركز المصالح الحيوية الأميركية، وتحديداً مصالح الولايات المتحدة في الثروة النفطية والغازية، إضافةً إلى موقع هذه المنطقة الحيوي بالنسبة لانسياب وانتقال السلع التجارية الأميركية إلى المنطقة وإلى منطقة الشرق الأقصى، وأيضاً تحرك قطعها الحربية المولجة حماية الممرات الاستراتيجية وتأمين التحرك التجاري والعسكري.
مما لا شك فيه أنّ الولايات المتحدة، ومَن سوف يساندها في الحرب إذا وقعت ضدّ إيران، يملكون قدرات عسكرية هائلة ستعرّض مصالح حيوية في إيران لمخاطر حقيقية، ولكن انتشار القوات الأميركية في الخليج وفي العراق وسورية، والكيان الصهيوني، ستكون عرضة هي الأخرى لخسائر لم تألفها الولايات المتحدة في جميع حروبها في وقت قصير، بما في ذلك خسائرها في الحرب العالمية الثانية، وخسائرها في حروب فيتنام وفي حربها على أفغانستان والعراق.
ومثلما سيكون هناك عدد كبير من الضحايا في إيران وخسائر مادية هائلة، سيكون هناك عدد كبير من الضحايا في صفوف القوات الأميركية ودمار لا يقلّ عن الدمار الذي سيلحق بإيران نظراً لانتشار قواتها على رقعة واسعة، وصعوبة حماية هذه القوات في حرب مفتوحة، وأيضاً مصالح حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في الحرب على إيران ستتعرّض لخراب يوازي، والأرجح يفوق، الخراب والدمار الذي ستلحقه الحرب بإيران.
ومن الصعب على القوات الأميركية وشركائها في ضوء تجارب حرب اليمن والحروب في العراق وأفغانستان، وحروب «إسرائيل» مع قطاع غزة ولبنان ربح هذه الحرب، التي ستتحوّل إلى حرب استنزاف متبادلة طويلة الأمد لن يخرج منها رابح بالمطلق، ولن تستطيع الولايات المتحدة، أو «إسرائيل»، وضع نهاية لمصلحتها إلا إذا لجأت إلى الخيار النووي، وهذا الخيار أشبه بالمستحيل لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها في هذه العجالة.
لكن استمرار الحرب لفترة طويلة، بما تملكه الأطراف المنخرطة فيها من قدرات عسكرية ذات طاقة تدميرية غير مسبوقة في كلّ الحروب السابقة، سيولد كوارث اقتصادية تطال العالم برمته، كوارث لا يمكن مقارنتها مع كوارث أيّ حروب سابقة، وبالتالي لن يقف العالم مكتوف اليدين إزاء مثل هذه الحرب طالما أنّ آثارها ستطال الجميع.
لكلّ ما تقدّم يمكن الاستنتاج أنّ احتمال وقوع حرب شاملة احتمال ضعيف، وخيار لا يحبّذه كلا الطرفين، إيران والولايات المتحدة، ولعلّ آخر تعليق للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن «لا أحد يريد رؤية أمور فظيعة تحدث» يلخص الأسباب العميقة لعدم مصلحة الأطراف المعنية في الانزلاق نحو مثل هذه الحرب.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/05/28