بعد ما شاب ودوه الكتّاب
محمد أحمد الحساني
بدأ في الآونة الأخيرة تطبيق نظام «قياس» على المتقدمين لشغل وظيفة معلم، من خريجي الجامعة، بحجة وجود ضعف في مستوى الخريجين عموما، ولذلك جاء قرار إخضاعهم لهذا الاختبار قبل تسليمهم الوظيفة، بل إن هناك من يدعو إلى تطبيق النظام نفسه على من هم على رأس العمل من المعلمين!
وأرى أن مثل هذا الإجراء يحمل الخريجين الذين باتوا على أبواب الأمل للحصول على وظيفة وبدء حياة عملية جديدة، جميع الإخفاقات التي كان وراءها كل من التعليم العام والتعليم الجامعي على حد سواء، لأن هذا الخريج الذي أصبح بعد تخرجه «لا يعجبنا» حتى وضعنا عراقيل قياس للحيلولة بينه وبين حصوله على وظيفة معلم، هذا الخريج سلمته أسرته وهو في السادسة إلى المدرسة الابتدائية وهو يمثل البراءة والطفولة في أسمى معانيها فظل ينتقل من صف إلى صف حتى تخرج «ناجحا» من المرحلة الابتدائية، ليلتحق بالمرحلة المتوسطة لمدة ثلاث سنوات ويواصل مسيرته إلى المرحلة الثانوية حتى الحصول على شهادتها، ليلتحق بعد ذلك بالجامعة حتى تخرجه منها بأي معدل كان ولكنه حامل لشهادتها على أية حال، ويكون جميع ما درسه موجها له لشغل وظيفة معلم، فإذا تقدم بطلب وظيفة قيل له: ارجع وراءك وراجع «قياس» لتعرف هل أنت ناجح أم غير ناجح، ليجد نفسه وحيدا في تحمل مسؤولية من «دفوه» من صف إلى صف ومن مرحلة إلى أخرى حتى خرجوه من الجامعة وليواجه بعد ذلك الضياع، بينما يظل جميع الذين صنعوا مأساته خلال دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية آمنين مطمئنين ينعمون بالكوادر ويلبسون الكنادر ويشربون العصائر ويأكلون الفطائر!
إنني أتفق مع من يرى وجود ضعف في مستوى خريجي الجامعات بما فيهم خريجو الكليات التربوية التي تخرج المعلمين، ولكنني لا أتفق مع من يرى أن العلاج يكون بتحميل الخريجين وحدهم المسؤولية، بل إنهم عند توزيع المسؤولية يكونون هم الضحايا، فكيف نقف في وجوههم ونحول بينهم وبين الوظيفة ونكتفي بذلك ونظن أنه العلاج الناجح، ولماذا لا توزع المسؤولية على الجميع وبعدالة لنرى كم النسبة التي يتحملها الخريج من مسيرة الفشل الحقيقي أو المزعوم، وهل من الحصافة ترك الخريجين الذين لم يتجاوزوا اختبار قياس لمصيرهم يواجهونه وحدهم ثم نشكو منهم أمنيا وفكريا واجتماعيا؟!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/03/16