وحشية الأنظمة العربية من الخاشقجي إلى مرسي
عبد الستار قاسم
لم ينس العالم بعد قتل الصحافي العربي جمال خاشقجي، ولم تختف صورة الوحشية التي مارسها ابن سلمان، أبو منشار في قتله، حتى ظهرت وحشية جديدة في تغييب مرسي وإنهاء حياته. هذان مثالان من وحشية وهمجية الأنظمة العربية التي تسيء لسمعة العرب وتؤدي إلى تحقير الأمة العربية من قبل الأمم الأخرى. والآن تتسلم وسائل الإعلام العربية فضيحة جديدة تتولاها أنظمة عربية ضد حقوق الإنسان، وضد كل القيم الإنسانية. والمسألة ليست دفاعا عن جماعة أو شخص، وإنما هي دفاع عن مبدأ يتم انتهاكه على الدوام، ويكرس تخلف الأمة العربية وجهالتها.
مرسي، رحمه الله، أول رئيس مصري منتخب في انتخابات ديمقراطية حرة ووحيدة في التاريخ المصري تم زجه في السجن على يد من وثق به ونصبه على رأس العسكرية المصرية وبإهمال كبير، وبدون أدنى احترام. لم يحترم الانقلابيون التاريخ المصري، ولا رأي الشعب المصري الذي انتخب ولا نتائج الانتخابات، ولا مكانة رئيس الجمهورية أو حتى المكانة الشخصية لسجين.
كانت هناك مآخذ على أداء الرئيس مرسي، لكن هذا لا علاقة له بكيفية التعامل مع سجين. من المفروض أن يحظى السجين بمعاملة إنسانية وفق المعايير الدولية، ولا يجوز حجزه انفراديا لمدة طويلة أو منع الزيارة عنه أو الدواء أو الطعام الذي يمكن أن توفره عائلته. تم حرمان مرسي بقسوة من حقوقه كسجين، وليس من الخطأ القول إن ظروف اعتقاله سرعت في تدهور وضعه الصحي ولياقته الجسدية.
هناك من يطالب الآن بتحقيق دولي في قصية مرسي. مرسي ليس الحريري، وليس الخاشقجي. لم يكن مرسي صديقا لإسرائيل أو الولايات المتحدة، وكان للدولتين موقف سلبي منه من حيث أنه قدم دعما بطريقة أو بأخرى للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وكان حريصا على دعم الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل. كان للحريري من يدافع عنه، ويعمل بجهد كبير على إدانة سوريا وحزب الله بقتله، فتشكلت لجنة دولية للتحقيق في اغتياله. أما خاشقجي فكان له من يبكيه في الولايات المتحدة فبقيت قضيته حية على الرغم من موقف الرئيس الأمريكي المتحايل. ستمضي قضية مرسي إلى النسيان ولن نجد على الساحة الدولية تحقيقا بأسباب وفاته، وإصرار الحكومة المصرية على عدم تقديم الرعاية الكافية له.
قضية مرسي هي فقط في عهدة الشعب المصري الذي انتخب.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/06/19