سيناريو المؤامرة الآمنة في شرق الفرات والاعتداء على بيروت
د. علي الباشا
في فصل جديد من فصول التآمر على سوريّة ، اتفق المحتل الأمريكي مع تركيا على ما يسمى المنطقة الآمنة في شرق الفرات و التي بدأ تنفيذ مرحلتها الآولى.
يبدو أن الهدف البعيد ، ليس إدلب ، رغم أنّ العدو الأمريكي و حلفائه يناورن عن طريق المساهم التركي في اتفاق أستانة لعرقلة عملية تقدم الجيش السوري بوسائل مختلفة خاصةً وأن بلدة خان شيخون الاستراتيجية، التي كانت إحدى معاقل التجمعات الإرهابية للنصرة و القاعدة ، قد تحررت. والمراقب يلاحظ اتصال الرئيس التركي بنظيره الأمريكي من أجل ذلك و ما هذا الاتصال سوى متابعة من أجل سيناريو آخر ، ليس إلّا! ، والدليل على أن الجانب التركي راضياً وممتناً، وعبارة “اللعب بالنار” التي أطلقها على تطويق الجيش السوري لنقطته العسكرية المتمركزة جنوب إدلب ما هي إلا إشارة لما سيحدث في شرق الفرات.
من هنا نقول ، بأنّ المتتبع للأحداث يجد أنّ المحتل الأمريكي يراهن على شرق الفرات و ليس على غربه ، لذا فإن منبج التي تقع في غربي الفرات ، قد تفاهم عليها مع تركيا ضمن بيان أصدرته قيادة المحتل الأمريكي منذ أيام ، ولو أن المناورة ما زالت قائمة، ألا أن المحتل الأمريكي سيتخلى عنها في مناورة للتشبث في منطقة الجزيرة السورية (شرق نهر الفرات) التي ستجري فيها المعركة الحقيقيّة. في هذا الصدد، تركيا أبرزت للمحتل الأمريكي وثائق و صكوك تدعي بأن منبج تعود ملكيتها لها.!!!
أمّا دلائل المؤامرة ،حسب ما أتصوره، فتتوضح على هذه الأشكال:
أولاً – عملية نقل الاحتلال الأمريكي لمعدات و شاحنات محمّلة بالأسلحة المتنوعة قادمة من الخاصرة الرخوة من جهة ما يسمى بإقليم كردستان العراق إلى منطقة الجزيرة السورية حسب وكالة الأنباء السورية “سانا” ، وقبلها في نفس الشهر آب/2019 دخلت قافلة تضم أكثر من 200 شاحنة و المجموع خلال هذه السنة بلغ أكثر من 2300 شاحنة محلمّة بالأسلحة ، يضاف إلى كل ما هو موجود خلال الثلاث سنوات الفائتة.. وهو دليل ينبأ في أن المحتل الأمريكي يخطط لتواجد طويل الأجل.
ثانياً ـ ملامح الفرح والرضا التي تبدّت في تصرف الميليشيا الكردية التي بدأت بتفكيك مقرات تواجدها في المنطقة المزمعة ، وهو ما يشير إلى أن المحتل الأمريكي قد وعدها وعداً مبرماً بتقرير مصيرها في المنطقة التي سموها بالآمنة.
ثالثاً- الاتفاق الأمريكي التركي ، هو اتفاق يقضي في منح تركيا الشريط الشمالي من سوريّة مقابل سماحها للأكراد السوريين في إقامة منطقة حكم ذاتي بعيداً عن سلطات دمشق وبضمانة أمريكية مستدامة ،على أن يحضع هذا الشريط في النهاية لمعادلة لواء اسكندرون.
رابعاً- الاعتداء الإسرائيلي في طائرات مسيرة على الضاحية الجنوبية في بيروت فجر الأحد 25/8/2019 ، يعني بدء تفعيل المعركة ، التي هدفها الحقيقي الحرب على إيران و بمشاركة إسرائيلية ، بالإضافة إلى قصف إسرائيلي على مقرات تزعم أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني قرب دمشق قبلها بيوم ، ورغم أنها تبدو في حكم المعتاد من عدوّ كائد ، لكنها هذه المرّة مختلفة عن سابقاتها.
خامساً- يقضي الاتفاق التركي الأمريكي خوض معركة ضد قوات الجيش العربي السوري و القوات الإيرانية الرديفة و الحليف الروسي في شرق الفرات ، تكون فيها تركيا صديقة للميليشيا الكردية في سوريّة وتسّهل خطوط الإمداد في الشريط الذي ستستولي عليه.
مؤامرة شرق الفرات هذه ستمثل آخر الفصول التآمريّة على سوريّة ، وستكون الميليشيا الكردية ذات التوجه الشعوبي الانفصالي هي الخاسر الوحيد فيها . بالمناسبة ، المطلب العميق للنظام الإمبريالي ،هو سيناريو يتعدى المواجهة التقليدية في بعض المواضع ، وهو ما قد يستدعي استخدام فبركة الكيماوي في منطقة شرق الفرات و اتهام الحكومة السورية مجدداً ، رغم أنه بات في حكم المكشوف عالمياً ، وقد يكون هناك ما هو أفظع و أبشع من السيناريو المذكور. وهو ما وضّحه الصحفي فينيان كوننغهام في مقال مطوّل بتاريخ 22/8/2019 في صحيفة نيويورك تايمز مفاده بأن الشماتة في انتصار محور المقاومة ، يدفع إلى الانتقام بضغينة ومتعة خبيثة.
في النهاية ، لا يصح إلا الصحيح ، وكلما كثرت المؤامرات على سوريّة كلما اقترب تحرير كل شبر منها !
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/08/27