ما هي استراتيجية حزب الله الجديدة في مواجهة جنون العقوبات الأمريكية في لبنان؟
كمال خلف
أكثر ما لفت انتباهي في الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله السيد “حسن نصرالله ” موقف جديد مر من خلال جملة يتحدث فيها عن خيارات جديدة حيال سياسية العقوبات الأميركية ليس على حزبه كما أكد نصرالله ، إذ أن الحزب له آلياته البعيدة عن سوق المصارف وشبكات التعامل المالية ، إنما ما يمكن اعتباره عقابا امريكا بقفازات حكومية لبنانية لكامل البيئة الحاضنة والمؤيدة والمناصرة لحزب الله ، حتى لو بالموقف والكلمة ، وهذا مايعتبره حزب الله علنا التزاما أخلاقيا ، وبالطبع هو أبعد من هذا الالتزام .
علينا أن نتذكر انه خلال عامين كان هناك جهد أمريكي إسرائيلي ، عبرت عنه مراكز أبحاث ودراسات تابعة لواشنطن وتل أبيب من خلال دراسات متتالية متوفرة ومنشورة ، تسلط الضوء على البيئة الحاضنة لحزب الله ومدى تأثيرها وفاعليتها ودورها الهام في نجاح الحزب وقوته ومدى إمكانية عزل هذه الحاضنة عن الحزب .
الخطوة المتقدمة في مجال الأبحاث والنشر حول هذا الموضوع كان فيما نشره “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” مؤخرا بعنوان ” حلفاء حزب الله اللبنانيون قابلون للاحتواء “
وهي دعوة واضحة للادارة الأمريكية بإشهار عصا العقوبات على القوى السياسية اللبنانية الحليفة لحزب الله لتتخلى عن هذا التحالف .ويدعو المعهد الأمريكي في توصيته إلى ممارسة صارمة للعقوبات بهدف زعزعة تحالفات حزب الله وممارسة الضغط على الشراكة بين حزب الله وجبران باسيل وفي حال فشلت الضغوط فيجب عدم التردد في فرض عقوبات على باسيل . ترجمت هذه التوصية بعد أيام من نشرها أثناء الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدني ” ديفيد شينكر ” إلى لبنان .
وقف الرجل ليقول بصراحة “العقوبات في المستقبل ستكون على حلفاء حزب الله ولن تقتصر على نطاق الأفراد المنتمين إليه مباشرة بغض النظر عن طائفتهم ودينهم ” .” شينكر” جاد فيما يقول ، وبالفعل وحسب كل المعطيات والمعلومات فإن مروحة العقوبات سوف تتسع وتشمل مؤسسات وافراد وعائلات .
كلام السيد نصرالله عن المقاربات الجديدة مختلف تماما عن كلامه في خطابات سابقة أكد فيها اتباع استراتيجية الصبر والتحمل والتقشف في مواجهة العقوبات ، لكن سيف العقوبات تجاوز مرحلة الضغط على الحزب وأنصاره إلى مرحلة الحرب المباشرة والخطرة لتحقيق أهداف استراتيجية تصل إلى حد شل الحزب وعزله داخل محيطه . ولعل حزب الله بدأ يدرك هذه الحقيقة .
سيف العقوبات الأمريكية بدأ يضرب خبط عشواء في لبنان ، ولا مشكلة أن تضررت شرائح واسعة من الشعب . كما حدث مؤخرا مع العقوبات على بنك ” جمال تراست ” الذي طال الآلاف من اللبنانيين دون أي ذنب .
قبل ذلك قضت محكمة أمريكية على رجل الأعمال اللبناني،” قاسم تاج الدين” ، بالسجن خمس سنوات، وبدفع غرامة مالية قدرها 50 مليون دولار، لاتهامه بتمويل حزب الله.
وكذلك فرضت عقوبات على رجل الأعمال اللبناني فادي سرحان بتهمة تقديمه مساعدة لحزب الله . وآخرين والقائمة ترتفع باستمرار وستصل إلى مديات لايمكن لأحد توقعها .
المقاربات الجديدة للسيد حسن نصرالله في هذا الملف قد تكون أكثر من ضرورة ملحة بالنسبة له ولقسم كبير من الشعب اللبناني . لأن مدرك بلا شك أن استحالة القضاء عليه بالسلاح الإسرائيلي ، استدعت خنقه وقتله بصمت ، عبر تأليب الشعب اللبناني عليه ،وضرب حاضنته الشعبية ، وعزله عن تحالفاته الداخلية . ليصبح التخلص من الحزب مطلبا لبنانيا وليس خارجيا . ولكن ماهي تلك المقاربات وماذا يمكن لحزب الله وحلفائه أن يفعلوا ؟؟
لا أعتقد أن أي حلول تعتمد على الصبر أو التقشف أو التحمل هي الناجعة في ظل تطور الأمور إلى هذه الدرجة . لذلك أعتقد أن معادلة قائمة على عض الأصابع المتبادل في ملف العقوبات هو ما يمكن أن يأتي بنتيجة . واذا ما فهمت الإدارة الأمريكية أن مصالحها يمكن أن تتأثر مباشرة جراء هذا السلوك ، فهذا ما يعيد الحسابات مرة أخرى . لا نعلم ماهي استراتيجية المواجهة المقبلة لدى محور المقاومة ، ولكن الأكيد أنها ستكون قريبة الظهور على المسرح اللبناني والإقليمي .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/09/15