آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عبد الرحمن
عن الكاتب :
كاتب فلسطيني

هل مظاهرات العراق جزء من الرد السعودي الامريكي على هجمات أرامكو ونجران !!ولماذا يتم إقحام إيران فيها! قراءة محايدة!

 

أحمد عبد الرحمن

لا يختلف اثنان على أن الشعب العراقي العزيز يعيش حالة من الفقر والعَوز والبطالة الغير مسبوقة رغم الثروات الهائلة التي يملكها ، والتي إن استُغلت بالشكل الأمثل فستجعل هذا الشعب يعيش حالة من الهدوء والاستقرار والاكتفاء الذاتي على كل المستويات .

ولكن للأسف الشديد تلك الثروة الكبيرة ، إضافة إلى ما يتمتع به العراقيون من ذكاء وحيوية وقدرة على الإبداع في كافة المجالات ،لم تكن كافية للارتقاء بهذا الشعب إلى مصاف الدول القادرة على العيش تحت مظلة من الرفاهية والاستقرار .

وهناك أسباب كثيرة لهذا الوضع المزري الذي وصلت له هذه الدولة المهمة والمركزية وذات التاريخ العظيم والمبهر ، ومن اهمها الفساد الذي يضرب بأطنابه معظم مناحي الحياة ،وتكاد آثاره تعصف بكل ما تبقى من خيرات لهذا البلد، وتضعه في مصاف الدول الفاشلة والقابلة للانهيار .

ولكن عندما ننظر لتلك المظاهرات التي انطلقت من دون مقدمات حاسمة وواضحة خلال الأيام الاخيرة يمكن أن نلاحظ أن فيها بعض التفاصيل التي تؤشر لوجود أهداف اخرى غير تلك المتعلقة بالفساد والبطالة وغيرها من المطالب المحقة والعادلة .

والمقصود هنا ليس التشكيك بالمحتجين أو بتلك التحركات التي كفلها القانون ،ولكن ببعض الشعارات التي رُفعت وبعض الأساليب التي استُخدمت، وأخرجتها عن مسارها بشكل واضح وصريح .
فلو نظرنا إلى الشكل فسنجد أن هناك عنفا مبالغا فيه، وتخريبا ممنهجا من بعض المتظاهرين او المدسوسين إذا جاز التعبير ،وهذا قد يدفع بالأمور إلى حافة الانفجار وإلى طريق اللاعودة .

وثانيا رد فعل القوات الامنية يتسم بالشدة والعنف واستسهال القتل ،وهذا ما قد يزيد اشتعال الامور ووصولها لمرحلة لا يمكن التوقف عندها ، وهذان الأمران يؤشران إلى وجود طرف ثالث يريد زيادة وتيرة الأحداث إلى الحد الأقصى .

كذلك مما يلفت النظر أن هناك توجه واضح لمهاجمة إيران وحلفائها من المرجعيات الدينية وفصائل الحشد الشعبي، مع أن هذا الحشد وبدعم كبير من إيران هو الذي منع تمدد داعش، وأفشل مخططها للسيطرة على العراق .

وبناء عليه نحن نعتقد أن هناك من يريد توجيه الامور إلى حالة من الفلتان والانفجار بما يخدم مصالح جهات معينة ،ويضر بمصالح إيران وحلفائها في العراق والمنطقة !!
وإذا صحت هذه الفرضية فلن يكون الطرف المستفيد إن لم يكن المحرك هو الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في المنطقة خصوصا المملكة العربية السعودية .

وهنا يجب الانتباه للتوقيت ، حيث ان تلك المظاهرات جاءت بعد الانتكاسة التي تعرضت لها السعودية في حربها على اليمن ، سواء في العملية الكبيرة التي وقعت على مشارف  نجران وما رافقها من صدمة من هول الخسائر المادية والبشرية ، أو ما سبقها بأسابيع من هجوم جوي بالمسيّرات والصواريخ على منشأة أرامكو بما تحمله من أهمية اقتصادية واستراتيجية للسعودية ومن وراءها حليفها الامريكي .

وتلك الاحداث التي شغلت العالم ،ومثلت تحولا استراتيجيا في الحرب على اليمن تم توجيه أصابع الاتهام فيها نحو الايرانيين إن بشكل مباشر أو عن طريق تقديم الدعم والاستشارة لحلفائهم اليمنيين .

كذلك لا يجب أن ننسى افتتاح معبر القائم – البوكمال بين العراق وسوريا ،وما يشكله ذلك من اهمية بالغة للطرفين العراقي والسوري ومن ورائهم الحليف القوي إيران، التي يعتقد البعض انها ستكون المستفيد الاكبر من وراء هذا الافتتاح، والذي سيمكنها من فتح طريق بري يصل إلى شواطئ البحر المتوسط .

ولأن السعودية لا ترغب ولا تستطيع الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران ، وحليفها الامريكي لا يفضل هذا الخيار ويحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان ،فربما جاء تحريك الاوضاع في العراق وتصعيد التظاهرات أو محاولة تغيير مسارها على أقل تقدير جزء من الرد على النشاط الإيراني ،والجميع يعرف ماذا يشكل العراق بالنسبة لإيران ، وحجم التواجد والتأثير الإيراني في القطر العراقي وعلى أكثر من صعيد .

والمتابع للقنوات المدعومة والموجهة سعوديا يجد ان هناك دعما واضحا ويصل في بعض الاحيان للتحريض على استمرار وتصاعد تلك الاحداث ، وهذا يؤشر بوضوح إلى رغبة سعودية في تواصل تلك الاحداث واستمرارها أطول فترة ممكنة ، ويمكن ان تُستغل كورقة مساومة في مواجهة الاوراق الكثيرة والمؤثرة التي يملكها الجانب الإيراني .

في الختام لا يمكننا إلا ان نكون في صف الشعوب التي تطالب بالحد الادنى من حقوقها ، ولا يمكن ان نبرر للفاسدين نهبهم لخيرات بلادهم اتحت مبررات سخيفة وذرائع واهية !! لكننا في نفس الوقت ضد أن يستغل البعض وخصوصا العدو المركزي للأمة امريكا وادواته وتابعيه تلك الاحداث لتحقيق مكاسب سياسية وللتمهيد لمزيد من التشتت والفرقة بين أبناء الشعب الواحد !! حمى الله العراق وشعب العراق من كيد الكائدين ومكر الماكرين !!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/10/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد