ترامب في مأزق ترجيح مصلحته الذاتية على مخطط صفقة القرن ولهذا يسود اسرائيل القلق
بسام ابو شريف
يتعرض آدم ستيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الاميركي لضغوط كبيرة وخطيرة، وذلك بسبب الحملة التي يقوم بها مجلس النواب ولجانه للتحقيق مع الرئيس دونالد ترامب حول مكالمة هاتفية أجراها ترامب مع رئيس اوكرانيا، وأخفى ملفها البيت الأبيض حتى لاتكشف تفاصيل مادار في هذه المحادثة الهاتفية .
ويشن الرئيس ترامب الحملة على آدم ستيف ويتهمه بالخيانة، وذلك بهدف قطع الطريق على التحقيق، ويقوم بومبيو بتنفيذ أوامر البيت الأبيض بعدم السماح لسفراء ومسؤولين في الخارجية بالادلاء بشهاداتهم أمام مجلس النواب الذي استدعاهم للشهادة، ومنهم سفير الولايات المتحدة لدى اوكرانيا، ومن الواضح أن ترامب حاول ابتزاز رئيس اوكرانيا مستخدما المساعدات الاميركية لاوكرانيا لفتح تحقيق حول نشاطات بايدن وابنه في ميادين الأعمال في اوكرانيا، وذلك لماخططه ترامب من محاربة للمرشح بايدن بتهم الرشوة والفساد، فمعركة ترامب الأساسية هي ” معركة البقاء في البيت الأبيض “، لمدة اربع سنوات اخرى اذ أن استراتيجيته تقوم على استخدام المرحلة الاولى التي تنتهي عام 2020، لتنفيذ المرحلة الاولى من خدماته لاسرائيل، وجعلها شريكا في النهب الامبريالي لثروات الشرق الأوسط النفطية والغازية عبر تطبيع علاقاتها بدول خليجية، ثم توقيع معاهدات سلام معها تتيح لها فرص الهيمنة من خلال المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية .
ويأتي هذا ضمن الاطار العام لاستراتيجية واشنطن – تل ابيب – الرياض – وهو ضم اسرائيل لمعسكر حلفاء اميركا في المنطقة، واعتبار ايران العدو وليس اسرائيل لكن اثارة مجلس النواب لفضائح ترامب، وفتح تحقيق رسمي حول مكالمات هاتفية ابتزازيه أجبرت ترامب على اجراء بعض التعديلات، وتحويل استراتيجيته الملحة والفورية لاستراتيجية التصدي لمحاولات عزله، وعكس ذلك نفسه على استراتيجيته في الشرق الأوسط وأجبرته على اعادة حساباته بحيث تخدم خططه مصلحته الذاتية اولا : أي اعادة انتخابه، ويمكن أن نلاحظ هذه التراجعات عن استراتيجيته السابقة في الخطوات التالية : –
1- هبوط جدي في مستوى الصراع، والتناقض حول أمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز
2- سكوت البيت الأبيض على بعض النشاطات التي قام بها سعوديون وخليجيون لجس النبض حول مبادرة طهران لتأمين أمن الملاحة عبر اتفاق دول الخليج، وبدون تدخل اجنبي .
3- الانسحاب من الدوريات المشتركة التركية الاميركية في الشريط الحدودي شمال سوريا بعد أن كان ترامب قد أبلغ اردوغان بالموافقة، وقام بتسيير دوريات اميركية تركية في ذلك الحزام .
4- اعلان ترامب أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمل عسكري شمال سوريا، وانه يترك هذا الأمر ” العبثي “، لروسيا وايران وتركيا والعراق والأكراد لحله مشيرا الى أن انتصاره كان في تمكنه من القضاء على داعش !! .
5- التركيز على اليابان بكل أنواع الضغط لتوقيع الاتفاقية التجارية، وتم توقيعها من اليابانيين على مضض لكن ترامب استخدم ذلك لزيادة رصيده الانتخابي .
6- سيركز جهوده على التفاوض مع الصين لتوقيع اتفاق، والاتفاق مع الصين هو الضربة الكبيرة التي ستجعله قادرا على جذب المصوتين ورجال الأعمال والمؤسسات الصناعية الكبرى استراتيجية ترامب لاعادة انتخابه هي حجر الرحى الآن لديه، ولاشك انه يتمنى ألا تثار قضايا في الخليج تعكر عليه تنفيذ مخطط ” جذب الأصوات “، لذلك فان التصدي لترامب الآن قد يأتي بنتائج تحمل تراجعا عن خطط اخرى رسمت له للشرق الأوسط، فقد أجل ترامب أكثر من مرة اعلان تفاصيل صفقة القرن، ولهذا أسباب متعددة فمن ناحية لم يحصل حتى الآن على موافقة دول حليفة لواشنطن على الغاء المبادرة العربية للسلام، أو شطب تبني هذه الدول ” ولو لفظا “، للحقوق الفسطينية كما نصت عليه المبادرة العربية للسلام، وهي التي صكت من مبادرة ” الأمير فهد “، ومن الأسباب عدم توفر عامل استقرار في الوضع الحكومي الاسرائيلي والمام ترامب بتفاصيل تشقق الوضع الداخلي الاسرائيلي، ومن الأسباب فشل ترامب في تركيع ايران أو شل محور المقاومة، لابل على العكس حقق محور المقاومة انتصارات حملت في وجهها الآخر فشل سياسة ترامب الذريع .
وقد تكون الأسباب تلك المواقف التي تسرع نتنياهو باعلانها ” حسب قول السفير فريدمان ” عن ضم الأغواروشمال البحر الميت وألاف الدونمات في محافظتي الخليل ونابلس، لكن الأمر بالنسبة لمحور المقاومة يشكل فرصة، فالسير في خطة عمل تجعل ترامب محشورا وتضع نجاحه في الانتخابات في كفة الميزان المتأرجح قد يجبر ترامب على تفضيل مصلحته الخاصة ” الذاتية “، على المضي قدما في مخططه كما رسم سابقا فترامب مشهود له بعدم الالتزام وأن ” لاشيء مقدس “، لديه وهذا مايقلق اسرائيل بكل أحزابها وتخلي ترامب عن الأكراد ” رغم نفيه ذلك “، جعل الاسرائيليين يفكرون ” كما نشر في صحفهم “، بأن ترامب قد يترك اسرائيل تواجه ايران وحدها !! وهذا مايرعبهم .
وأعتقد أن الوقت والظرف مناسبين لشن هجوم دبلوماسي سياسي اعلامي للتركيز على مبادرة الرئيس روحاني – أي التفاوض مع واشنطن بعد رفع العقوبات ” على الأقل الغاء كل العقوبات المتعلقة بانتاج وبيع النفط والغاز والمعادن “، والغاء العقوبات على البنك المركزي والمصارف لأن ترامب قد يغير موقفه في ظل الهجوم النيابي عليه، وكذلك نرى ضرورة وأهمية شن هجوم دفاعي متين حول ” شرق أوسط خال من الأسلحة النووية “، اذ ربد من فتح هذا الملف كي تضطر اسرائيل للدفاع عن نفسها، وهذا سيشعل معركة الرؤوس النووية الاسرائيلية على الصعيد العالمي ( وتحت هذا العنوان تأتي قضايا صدامية كثيرة – منها الزام هيئة الطاقة الذرية بالتفتيش على مفاعلات اسرائيل، والعمل على ازالة الأسلحة النووية من اسرائيل ومنعها انتاج رؤوس نووية حربية ) .
لقد لعبت فرنسا دورا أساسيا في اقامة المفاعل الاسرائيلي، وقرر بن غوريون اغتيال الرئيس كيندي كي تتمكن اسرائيل من الحصول على مايلزم لانتاج القنابل الذرية، وسرقةاليورانيوم المخصب من المؤسسات الاميركية المختصة ” موثق “، ولذلك فان مطالبة فرنسا بلعب دور في نشاط ” خلو الشرق الأوسط من السلاح النووي “، يصبح منطقيا جدا وقد يقول قائل : هذا مستحيل، ونجيب بطبيعة الحال سوف تستنفر الصهيونية وحلفاؤها ضد هذه الحملة ولكن هذا لايلغي آثار ونتائج هذه الحملة، وتدريجيا سوف تحاصر اسرائيل كما حوصر الحكم العنصري في جنوب افريقيا، نظام الآبارتايد لايمكن أن يزدهر وينمو بل سيحاصر من العالم أجمع رغم بروز قوى اليمين العنصري في الولايات المتحدة واوروبا .
ونعود لآدم ستيف، فهو يهودي ومدعوم من الحركة الصهيونية ولذلك فاز في الانتخابات وهذا يجعل موقفه من ترامب ذا تأثير، ولاشك أن مهاجمة ترامب له سوف تخلق شرخا في جبهة اليهود المساندة لترامب تماما كما خلقت شرخا في الموقف من آدم ستيف في اسرائيل .
آدم ستيف ملتزم أخلاقيا باجراء التحقيق حول مكالمات ترامب، وبعد الشتائم التي كالها له ترامب أصبح أكثر التزاما بادانة ترامب، وهذا يجعل معسكر التأييد لترامب أقل قوة الأمر الذي قد يساهم في حملتنا ضد صفقة القرن .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/10/11