أميركا تلاحق طيف سليماني عبر وسائل التواصل الاجتماعي
آلاء حمود
ازدواجية المعايير تظهر أن الولايات المتحدة تحجب حرية التعبير على موقع "إنستغرام" لمؤيدي سليماني، ومن ثم تُظهر الدعم عبر "تويتر" للمُحتجين.
على موقع الصوَر الشهير "إنستغرام" نشرت زينب إبنة الشّهيد الرفيق قاسم سليماني أول منشورٍ لها، وهو عبارة عن صورة ليد والدها ويظهر خاتم إصبعه في يُمناه المُدمّاة، إذ أنّ الصورة أُخِذت بعد لحظات من اغتياله خلال القصف الذي استهدف سيارته في العاصمة العراقية بغداد.
وعلّقت إبنة سليماني باللّغة العربية "ما رأیت إلّا جمیلاً" على الصفحة التي بلغ عدد مُتابعيها أكثر من 24 ألف مُتابِع خلال ساعاتٍ معدودة.
وكانت منصّة "إنستغرام" قد أَغلقت حساب والدها الشّخصي في نيسان/أبريل المنصرم بعد أن صنَّفت الولايات المتحدة حرس الثّورة منظمةً إرهابيّةً أجنبيّة.
طَيْف سليماني "الافتراضي" لم يعكّر صفو "حرّاس" مواقع التواصل في حياته فحسب، بل حتى بعد شهادته. فقد أعلنت شبكة "بلومبيرغ" الإخبارية أنّ شركة "فايس بوك" تعمل من جديدٍ على إزالة المُلصقات من موقعها "إنستغرام" التي تدعم أو تُشيد بقائد قوة القدس الفريق الشهيد قاسم سليماني، وأعلن مُتحدّث باسم "فيس بوك" أنّ الشركة ستزيل صور الذين طالتهم العقوبات الأميركية، معتبراً أنّ "فيس بوك" تعمل بموجب القوانين الأميركية. تتجلّى بذلك هيمنة الولايات المتحدة على الشّركة إذ أنّها جعلتها أداةً لتفيذ عقوباتها الناعِمة.
العقوبات الناعِمة قابَلها ردّ فعلٍ حادٍّ من قِبَل الحكومة الإيرانية التي أنشأت بوّابةً إلكترونيةً رسميةً دعت عبرها المواطنين إلى تقديم المنشورات التي حذفتها منصّة "إنستغرام" برعايةٍ من الشركة الأمّ "فايس بوك"، ثم قامت الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية ضد "إنستغرام"، حيث بدأت بالتدقيق في الموقع في إطار مشروعٍ حكوميٍّ للرقابة الانتقائية على شبكات التواصل الاجتماعي.
الواقع أنّ "إنستغرام" طالته الرقابة فقط، ليكون بذلك من منصّات التواصل الاجتماعي القليلة غير المحظورة في إيران، في حين تمنع الحكومة الوصول إلى موقعي "فايس بوك" و"تويتر" تماماً لدواعٍ أمنية.
وللمُفارَقة هنا،رغم أنّ "تويتر" محجوب في إيران إلّا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب غرّد على حسابه الشخصي باللغة بالفارسية قائلاً: "إلى الشعب الإيراني الشجاع صاحب المُعاناة الطويلة، لقد وقفت معكم منذ بداية رئاستي وستواصل حكومتي الوقوف معكم. نحن نتابع الاحتجاجات عن كثب. شجاعتكم مُلهمة"، وذلك في إشارة إلى دعمه للاحتجاجات التي شهدتها إيران بعد اعتراف السلطة بالمسؤولية عن إسقاط الطائرة عن طريق الخطأ.
عاد ترامب وغرّد للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة باللغة الفارسية موجّهاً رسالةً إلى القادة في إيران يدعوهم فيها إلى عدم قتل المُتظاهرين. وكتب: "إلى قادة إيران لا تقتلوا مُتظاهريكم. لقد قُتل واعتُقل الآلاف على أيديكم، والعالم يراقب. وأهم من ذلك، الولايات المتحدة تراقب. أعيدوا الإنترنت واتركوا الصحافيين يتجوّلون بحرية. أوقفوا قتل الشعب الإيراني العظيم!"
توجّه ترامب إلى الشعب الايراني عبر "تويتر" ليس بريئاً، فهو يستخدم منصّةً محظورةً في إيران ويتوجّه إلى الشعب الإيراني مُحاكياً إياه بلغته ليُبدي كامل دعمه له، في وقت يُدرك ترامب جيّداً أن الوصول لـ"تويتر" في إيران غير مُتاح بسهولة.
لا يحتاج الرئيس الأميركي أن يلفت انتباهه أحد إلى أنّه إن أراد أن يُحاكي جمهوراً ما فعليه أن يتوجّه إليه، لا بلغته فحسب، بل عبر "وسيط" مُتاح له أيضاً كي لا تذهب رسالته هباءً، إلّا أنّ الرئيس الأميركي استطاع أن يحرِّض المُتظاهرين أكثر من خلال إيصال رسالةٍ إليهم عبر منصّةٍ سياسيةٍ يرغب بعضهم في استخدامها ضدّ السلطات، في حين أنّ السلطة تحجبها عنهم للغاية عينها، ما يزيد من احتقان المُحتجين أكثر.
هنا تظهر الإزدواجية جليّةً حيث أنّ الولايات المتحدة تُنزل العقوبات إلى الفضاء الافتراضي في إيران لتشمل الناشطين الذين يبدون تعاطفهم مع شهادة الفريق قاسم سليماني ويتم حَظْر منشوراتهم بأمرٍ منها؛ في وقت يستخدم فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصّة "توتير" المحجوبة عن الشعب كي يُبدي الوقوف إلى جانبهم ضد السلطة.
ازدواجية المعايير هذه تظهر أنّ الولايات المتحدة لا تقوم سوى بما يتلاءم مع مصالحها لتحجب حرية التعبير من على موقع "إنستغرام" ومن ثم تظهر الدعم عبر "تويتر" للمُحتجين رغم أنّ المنصّة غير مُتاحة لهم.
لصالح موقع الميادين نت
أضيف بتاريخ :2020/01/22