«الشرعية» أصبحت عبئاً على السعوديّة
السفير د. علي أحمد الديلميّ
يدرك المجتمع الدولي أكثر من أيّ وقت مضى فشل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المُسمّاة “الشرعية”، رغم فقدانها كلّ مقوّمات الشرعية، في تحقيق أيّ نجاح على طريق استعادة الدولة بسبب الفساد والكسب غير المشروع الذي أصبح الشغل الشاغل، بل الأهم، لغالبية مَن يعملون مع هذه السلطة وقد انعدمت ثقة المانحين الدوليّين بها.
حتى دول “التحالف” لم تعُد تثق بهذه الحكومة بسبب اعتماد هادي ومَن حوله نهجاً تدميرياً لما تبقى من مقوّمات الدولة بتقسيم مؤسّساتها على أسس مناطقية وحزبية وعائلية. الأمر الذي ترك انطباعاً سيئاً عن “الشرعية”، خاصة على صعيد التعيينات التي تقوم بها على هذه الأسس، وقد انكشفت ضحالة قدرات من تمّ تعيينهم في مختلف مؤسّسات الدولة التي تمثل “الشرعية” أمام المجتمع الدولي وعدم قدرتهم على تمثيل اليمن تمثيلاً يليق بهذا البلد وتاريخه وحجم موقعه وكبر مأساته، وذلك بسبب انعدام كفاءتهم وخبرتهم في التعامل مع الخارج. إنّ معظم هؤلاء الموظفين دخلاء على المناصب التي تمّ تعيينهم فيها، كيف لا وقد حصلوا عليها من دون أحقية لمجرد أنهم من الأقرباء أو لطبيعة انتمائهم المناطقي أو الحزبي، وحتى يومنا هذا لم تُعيّن الشرعية كوادر مؤهلة ذات خبرة تمثل اليمن تمثيلاً كفؤاً وجيداً في هذه المرحلة الدقيقة.
إنّ كلّ ما يُنشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن فساد «الشرعية» لم يعُد يعطي أي نتيجة ولا يجد له آذاناً صاغية عند مَن يعملون مع حكومة الرئيس هادي، ورغم أنّ مُمارساتهم غير القانونية وغير الأخلاقية باتت مكشوفة أمام الجميع، نراهم يوغلون في الفساد من دون خوف من أي محاسبة لا مبالين بالرأي العام لغالبية أبناء الشعب اليمني ورقابة المجتمع الدولي، حيث أصبحت مقار معظم مؤسّسات الدولة التي تمثل «الشرعية» في غرف فنادق الرياض وهي عبارة عن عصابات عائلية ومناطقية ومذهبية متنفّذة، ما جعل المجتمع الدولي ينظر إلى هادي وحكومته ومَن يعمل معهما كسلطة فاشلة لا تسعى إلى استعادة الدولة، بل هي مستفيدة من إطالة أمد الحرب واستمرارها من أجل مُراكمة الثروات على حساب دماء اليمنيين ومعاناتهم.
إنّ مواصلة السعودية دعمها لـ»الشرعية» لن يجلب لها إلا الخسائر وقد بات هذا الدعم عبئاً على المملكة أمام المجتمعين العربي والدولي وحتى على الصعيد الداخلي، كما أنّ استمرار الحرب على اليمن وعدم تحقيق السلام ستكون لهما نتائج كارثية على أمن الخليج برمّته، حيث سيظلّ هذا البلد ساحة لتصفية الحسابات الخارجية واستغلال موارد المنطقة. فالقوى الإقليمية والدولية مُجتمعة لديها استراتيجيات معلنة وغير معلنة ستنفذها في اليمن، وطالما الحرب مستمرة فقد يصبح هذا البلد ساحة لصراع أكبر يُراد منه تغيير الخريطة السياسية في المنطقة بأكملها، ذلك أنّ الصراع الإقليمي والدولي الذي يتمّ التخطيط له هو أن يكون اليمن الساحة الخصبة للصراع المقبل، لذلك على جميع الأطراف اليمنية التفكير بشكل مختلف عن السابق لأنّ عواقب استمرار الحرب على اليمن ستكون وخيمة وسيكون شعبنا هو الخاسر الأكبر وهو الذي سيدفع الثمن.
وعلى صعيد آخر، نحن بحاجة إلى تضافر جهود اليمنيين جميعاً، خصوصاً قادة الرأي والإعلام والسياسة والدبلوماسية والمرأة والشباب عبر تنظيم أنفسهم وعقد مؤتمر وطني على نطاق واسع والتواصل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لنقل الصورة الحقيقية لما يجري في وطننا، وبذلك يمثلون اليمن تمثيلاً صحيحاً بدلاً عن هذه «الشرعية» المتهالكة التي لم تعد تمثل إلا نفسها.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/02/09