حرب أسعار النفط بين موسكو والرياض وثالثتهما.. واشنطن
د. أماني القرم
على هامش الحرب الكورونية الاولى ضد الكائن الفضائي مجهول الهوية والهدف والتكتيك ،، تدور حاليا حرباً ليست بأقل تكلفة وشراسة كانت قد بدأت مطلع كانون الثاني الماضي وزادت حيثياتها وتضاعفت تداعياتها بفعل الأزمة الحالية، هي حرب أسعار النفط الدائرة بين السعودية وروسيا.
في قانون السوق إذا قلَ الطلب وزاد العرض فإن ذلك يؤدي حتماً الى انخفاض السعر وهذا ما حدث، فقد وصلت أسعار الذهب الاسود الى أدنى معدلاتها منذ عقود بواقع 30 دولار للبرميل، الامر الذي هوى بالبورصات العالمية الى اللون الاحمر بجدارة.
والحق يقال أن الكائن “كورونا” بريء من تسببه باندلاع هذه الحرب الضروس، ولكنه بلا شك أشعلها بلا هوادة. وكي نفهم المسألة يجدر بنا العودة الى العام 2016 عام الاعلان عن اتفاق التعاون بين الدول الاعضاء في منظمة اوبك بقيادة السعودية مع دول منتجة للنفط خارج المنظمة بقيادة روسيا وذلك للتنسيق بين الكتلتين (عرفتا فيما بعد بأوبك بلس ) في تحديد اسعار النفط الخام والمحافظة على استقرار السوق النفطية عبر الاتفاق على حصص الانتاج لك بعد فقدان دول نفطية كبرى في اوبك قدرتها على القرار بفعل التغيرات السياسية التي اطاحت بها مثل ليبيا وفنزويلا والعراق وايران.
ولكن تعرض هذا الاتفاق الذي يجدد تلقائيا كل ستة شهور الى هزة عنيفة بعد الطلب السعودي بخفض الانتاج والرفض الروسي لهذا الطلب، حيث تدخلت عوامل سياسية واستراتيجية تتعلق بموازين القوة العالمية في تحديد موقف كل بلد. روسيا عينها على امريكا في قرارها وليس السعودية حيث تسعى لهزيمة غريمتها التاريخية (الولايات المتحدة) في سوق النفط بعد العقوبات الامريكية التي طالت صناعة النفط الروسية، وخطط واشنطن المستقبلية المعلنة لمزاحمتها في تصدير النفط الى الصين ! وعليه فقد ارتأى الدب الروسي أن زيادة الانتاج وتخفيض سعر برميل البترول سيؤدي الى تكسير عظام المنافس الامريكي الذي لن يستطيع مواكبة انخفاض سعر البترول العالمي مقارنة بارتفاع تكاليف انتاجه في الولايات المتحدة واعتماد شركات النفط الامريكية على القروض.
فيما اعتبرت السعودية/كونها الدولة الرائدة في انتاج النفط وتسعيره والتي تعتمد على هذا المركب في ميزانيتها/ أن الرفض الروسي موجها ضد مصلحتها وأمنها القومي . وعلى الرغم من أن السياسة البترولية السعودية لطالما كانت سياسة متوازنة في ادارة انتاجها النفطي هدفها الحفاظ على استقرار الاسواق البترولية وضمان الموازنة بين العرض والطلب، إلا أنه في خطوة غير مسبوقة ومفاجئة اتبعت السعودية مبدأ “عليّ وعلى اعدائي” فقامت برفع انتاجها واغراق السوق النفطية بكميات فائضة ورد الصاع صاعين لروسيا في خطوة لم تحسب حسابها هذه الاخيرة !
دخل”كورونا” على خط الأزمة فقلّ الطلب على البترول مع توقف اقتصادات عالمية هائلة تحديدا مصنع العالم (الصين) وفاقم من الحرب النفطية وخسر الجميع.
حتى هذه اللحظة لم تنته الحرب لمثلث ضلعاه روسيا والسعودية ورأسه الولايات المتحدة وما بينهم العالم ، لكن بناء على طبيعة التحالفات التاريخية وشبكة العلاقات السعودية الامريكية فإنه ليس من الصعب التنبؤ لمن ستكون كلمة الفصل في سوق النفط العالمية!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2020/04/11