د. مطلق بن سعود المطيري ..

    تنوُّع الدخل الوطني مطلب استراتيجي مُلح تفرضه عدة تحديات اقتصادية وتنموية تستهدف حياة الإنسان السعودي وطرق حمايتها من الاضطرابات المعيشية. الاقتصاد أساس عمران الدول وهو المقياس الفعلي الذي تصنف به الدول من عالية الدخل جاذبة للقوى البشرية المنتجة ودول منخفضة الدخل طاردة لرفاهية البشر وأمنهم الحياتي، مشروع سمو ولي ولي العهد الاقتصادي يستهدف الصعود للمراتب العليا في الاستثمار الآمن لمعيشة الناس، عنوان هذا المشروع طرح جزء من أسهم شركة أرامكو البترولية، وعناوين أخرى من الاستثمار، إلا أن أرامكو أخذت الجزء الأكبر من الاهتمام الإعلامي والشعبي، وطبيعي ان يبرز هذا الاهتمام العالي، فأرامكو ليست شركة استثمارية تجلب المال وتصدره، ولكنها شركة أخذت حيزاً كبيراً من الهوية السعودية وتاريخها فالنظرة لها ليست نظرة اقتصادية صرفة، فهي تمثل السيادة السعودية في جانبها الاقتصادي مثلها مثل الأرض والشعب، مطلوب تنميتها وفق قانون السيادة الوطنية.

ليس مزعجاً أن نسمع داخلياً وفي صحفنا المحلية بعض تساؤلات عن مشروع طرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام، ولكنه من الحرص على شركة تمثل جزءا مهماً من هويتنا الوطنية، وكذلك تفيد هذه التساؤلات بان المشروع بفكرته الرائدة كمصدر حيوي من مصادر تنوع الدخل لم تصل بشكل واضح لبعض المتخصصين، فما بالك بعامة الناس الذين يهمهم جدا هذا المشروع، مثل هذه التساؤلات وبحسن نية توجه قناعات الرأي العام نحو هذا المشروع وتضيف قلقاً جديداً يصيب الرؤية المستقبلية نحو المستقبل، ونحتاج لرواية شعبية بسيطة تروي تفاصليه للناس، فالحكايات المعقدة التي لا يفهمها إلا المتخصصون وتجعل العامة تستمع التفسيرات والتحليلات المتخصصة التي لا تحكي شيئاً غير الغموض الذي يدعو للقلق.

حرصت قيادة هذا البلد أن تكون صريحة جداً مع شعبها في القضايا التي تمس حياتها، فخادم الحرمين حفظه الله من أكثر القادة حرصاً على سماع وجهات النظر المختلفة، وهو صاحب سياسة كل الأبواب مفتوحة لسماع النقد ووجهات النظر المعترضة بعدل صادق، لذا الأمر يتطلب توضيحاً مباشراً لعملية الاستثمار الكبيرة ليعرف الناس واقع حياتهم المعيشية ومستقبل حياة أبنائهم، إن كنا ننزعج كثيراً من انتشار بعض الإشاعات المغرضة التي تحاول زرع الشك بين الشعب وبعض القرارات الحكومية، فالمعلومة الصادقة هي من تقضي على الإشاعات في مهدها، فالقيادة والشعب في مصير واحد لا يختلف على ذلك إلا جاهل بحقيقة تاريخ هذه البلد أو خائن خرج عن قيم الدين والانتماء، فشعب يطلب المعلومة الصادقة من مصدرها الحقيقي، شعب صادق ومخلص ويستحق أن يعرف الحقيقة. فالناس تعلم أن الاستثمار والتنوع في مصادره أمر لا بد منه، ولكن يريد أن يعلم كيف تكون أسهم أرامكو جزءاً ضرورياً من هذا الاستثمار المهم؟

جريدة الرياض