التحليل المنطقي يقول لا حرباُ امريكية لا على الصين ولا على إيران؟!
محمد النوباني
بعص المحللين السياسيين لا زالوا يتعاملون مع التهديدات الامريكية للصين وايران على انها مؤشر بأن العالم والمنطقة سيكونان على موعد قريب مع حروب جديدة متجاهلين حقيقة مهمة وهي أن مقدرة الامبريالية الأمريكية على شن الحروب لفرض إرادتها على العالم باتت مكبلة بموازين قوى تمنع ذلك.
طبعاُ أنا لا اقول بأن الإمبريالية الإميربكية باتت بلا مخالب أو انها سوف تسقط غداً ولا أقول بأن موعد السقوط بعيد كما يعتقد بعض الإقتصادويين الذين يقدمون الإعتبارات الإقتصادية على ما عداها لدى تحليلهم لأسباب صعود وهبوط القوى العظمى.
فصحيح ان امريكا لا زالت تملك قوة الدولار التي تستطيع إستخدامها كوسيلة للسيطرة ولنهب والإبتزاز كما تملك القوة العسكرية الكبيرة التي توظفها القيام بعمليات تخريب وتنظيم أنقلابات فاشلة كما حصل في فنزويلا قبل ايام ولكن هذا هو أقصى ما تستطيع عمله لانها باتت كما قال عنها الزعيم الصيني الراحل مؤسس الصين الحديثة ماو تسي تونغ ذات يوم نمراً من ورق وآيلة للسقوط.
فهذه الدولة التي سلمت قيادها لشخص معتوه مثل ترامب موعد سقوطها وتفككها لن يكون بعيداً لأن ظلمها وجشعها وتوحشها وإنحطاطها الاخلاقي لم يعد يحتمل من ناحية ولأنه لم يعد بمقدورها من ناحية ثانية إستخدام قوتها العسكرية لفرض إرادتها على شعوب العالم.
لمعنى آخر فإن واشنطن تريد ضرب نهضة الصين ومنع تحولها إلى الإقتصاد رقم واحد في العالم وهو الموقع الذي تحتله حالياً الولابات المتحدة الامريكية وتريد ضرب واسقاط نظام الثورة الاسلامية في ايران وتريد وتريد ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تستطيع؟!.
في إعتقادي ان تهديدات ترامب للصين ورغم خطورتها إلا إنها ليست التنفيذ بل لتحقيق اهداف سياسية وإقتصادية
من خلال ما يسمى بسياسة حافة الهاوية الامربكية المعروفة اي من دون المغامرة بالإنزلاق الى حرب عسكرية لأنه يعرف بأن الصين ليست لعبة.
فألصين قوة عسكرية هائلة وهي دولة نووية بإمتياز يمكنها من خلال ما تملكه من أسلحة نووية فتاكة ليس أيذاء الولايات المتحدة الامريكية فقط بل تهديد وجودها وربما إزالتها عن خارطة العالم وبألتالي فإن واشنطن لا تستطيع المغامرة بالدخول في حرب معها .
وبألمنطق فإن من هو مردوع من قبل كوريا الشمالية التي تملك ترسانة نووية لا تذكر مقارنة مع الترسانة التي تملكها الصين هو بالضرورة مردوع من قبل الصين ولا يستطيع الذهاب الى حرب معها.
وهذا ينسحب ايضا على احتمالات الحرب في المنطقة ببن ايران ومحور المقاومة من جهة وكل من امربكا واسرائيل من جهة اخرى فهناك حالة من توازن الرعب تمنع الحرب ولو أن هذا الخيار كان وارداً لذهب إليه ترامب بعد حادثة اسقاط ايران لطائرة “جلوبال هوك”الامريكية المتطورة أو رداًعلى ضربة عين الاسد الصاروخية الايرانية.
ولو ان الصين وايران وحلفائها ضعفاء لسحقتهم امربكا منذ فترة طويلة،والاهم من كل ذلك ان قرار الحرب والسلام في نهاية المطاف في الولايات المتحدة ليس بيد ترامب بل بيد الدولة العميقة وهذه الدولة يهمها بقاء الهيمنة الامريكية على العالم ولكنها لو شعرت للحظة واحدة بان سياسات ترامب المتهورة باتت تشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية فستقوم بعزله او إزاحته من المشهد باي طربقة من الطرق.
إن توازن الرعب وتحديداً النووي هو الذي منع وبمنع نشوب حرب عالمية ثالثة منذ 65 عاماً أي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى يومنا هذا لأن مثل هذه الحرب في حال نشوبها لن بنجوا منها احد وستؤدي الى هلاك الجميع.
ومع ذلك فإن سياسات ترامب الطائشة والمغامرة تشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين كما ان سياسات اسرائيل المدعومة امريكياً تشكل خطرا على الامن الاقليمي وقد يؤدي اي خطئ في الحسابات الى حدوث ما لا يحمد عقباه.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2020/05/09