عندما عبر سليماني إلى فلسطين
شوقي عواضة
(طمئنوا الجميع أنّ إيران لن تترك فلسطين وحيدة مهما تعاظمت الضغوط واستحكم الحصار) بتلك العبارة افتتح جنرال المقاومة الشهيد القائد قاسم سليماني رسالته إلى قائد كتائب عز الدين القسّام محمد الضيف قبل استشهاده مؤكداً أنّ الدفاع عن فلسطين شرف لن نتخلى عنه. لم يكن كلام القائد العسكري خطابياً أو شعارات بل كان عملياً ولوجستياً الى درجة ظهرت نتائجه في عملية التحوّل الكبير في المواجهة مع الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية.
فمنذ تأسيس فيلق القدس عام 1991 الذي كان الشهيد سليماني أول المتطوّعين فيه وبعد تسلّمه قيادة الفيلق عام 1998، دأب الجنرال الشهيد على التركيز على فصائل المقاومة في لبنان الى جانب الشهيد الحاج عماد مغنية، وأحدث انتصاراً نوعياً من خلال اندحار جيش الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان عام 2000 تلاه انتصار تموز عام 2006 فكان الجنرال سليماني كما وصفه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (شريك الانتصار) الذي شكل هزيمة تاريخية للكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة وفقاً لصحيفة (واشنطن بوست) الأميركية التي أشارت إلى أنّ النموذج الأقوى الذي استطاع سليماني إنجازه تمثل بحزب الله الأكثر قوةً وتنظيماً. تلك الانتصارات مهّدت الطريق أمام سليماني للعبور الى فلسطين والعمل بكلّ جدّ وكدّ بالتعاون مع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية على تطوير التقنيات القتالية والمنظومات الصاروخية والتكتيكات العسكرية والتدريبات ليبدأ زمن العدّ العكسي لزوال الكيان حين أحدث الحاج قاسم سليماني نقلة نوعية مع فصائل المقاومة من خلال إيجاد تهديد كبير وحقيقي للكيان بتطوير منظومات الصواريخ والطائرات المسيّرة التي أبدعت المقاومة الفلسطينية في تحويلها إلى معادلة رعب أظهرت فيه ضعف ووهن الكيان ومنظومته العسكرية التي أرعبها الشهيد سليماني بإنجازاته التي اعتبرها كبار المسؤولين السياسيين والجنرالات الصهاينة أنها تخطّت الخطوط الحمراء وكسرت المحظور في المواجهة وغيّرت قواعد الاشتباك وأحدثت انقلاباً في الموازين، لا سيّما انّ الجنرال سليماني شكل تهديداً وجودياً واستراتيجياً وكبيراً على الكيان، وهو الذي نذر نفسه من أجل إزالته وتدميره بعد توحيد محور وفصائل المقاومة لا سيّما على مستوى دوّل الطوق حيث نجح سليماني في توجيه ضربة قاسية للأميركيين والصهاينة في سورية والعراق عدا عن اليمن الذي لا زال يسجل المزيد من الصمود والانتصارات على ادوات الكيان ومتاريسه التي تنهار يوما بعد يوم فشكلت قيادة الحاج قاسم سليماني لعملية توحيد قوى المقاومة في المنطقة خطرا اعتبره الصهاينة خطراً اكبر من خطر المشروع النووي الايراني ذلك الخطر والرعب الذي زرعه الشهيد سليماني في الكيان لم ينتهي باستشهاده بل ازداد خطورة وتعاظمت خطورته بمرور الزمن حتى بعد استشهاده.الذي توهم فيه الكيان الصهيوني والادارة الامريكية بأن الخطر الوجودي على كيانهم قد زال بينما العكس كذلك.وما تثبته الاحداث بعد استشهاد الجنرال سليماني والحاج ابو مهدي المهندس الا تأكيد على ان المقاومة اصبحت اصلب عودا واشد وقودا واكثر اصرارا في تحقيق الوعد الالهي الحتمي وحلم القادة المقاومين بتحرير فلسطين وفي مقدمتهم الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني الذي قال (إن فجر النصر سيكون قريباً بعونه تعالى، وإن أجراس موت الصهاينة الغزاة تقرع) ذلك هو قاسم سليماني العابر الى فلسطين مع كل صاروخ تطلقه ايادي المقاومين ومع كل طلقة على العدو وفي حجارة كل اشبال فلسطين ومقاوميها.لم يمت قاسم سليماني فروحه ما زالت تحلق مع كل طائرة مسّيرة في سماء فلسطين وتكمن عند كل مفترق مع المقاومين وتعانق كروم التين والزيتون عناق العاشق الذي عمّد اسلامه بالدم وولاءه لفلسطين بالشهادة.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/05/23