تحديات التحول الوطني
عبدالله بن ربيعان ..
كر ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان أن إعلان برنامج التحول الوطني سيكون خلال شهر من الآن، وذلك خلال حديثه المنشور مع شبكة بلومبيرغ. وحديث الأمير محمد يعني أن برنامج التحول الوطني تجاوز مرحلة النقاش حول جدواه من عدمها، وأصبح مشروعاً ملزماً للتطبيق بمجرد إطلاق صافرة بدايته.
بالتأكيد، برنامج التحول الوطني كفكرة ومنهج مهم ويحتاجه اقتصادنا بشدة، وللأسف أن المعلومات عن البرنامج على رغم ضخامته شحيحة جداً. وكل شخص يتخيله ويتصوره بحسب ما قرأه أو سمعه عنه فقط، وهو ما قد يكون غير صحيح، أي التصور عن البرنامج.
ولذا فإن التحدي الأول والأكبر الذي يواجه البرنامج هو التعريف به وتسويقه حتى يعرفه الجميع، فالبرنامج مرتبط بحياة الناس، وسيؤثر على معيشتهم بشكل أو بآخر، ولذا لابد أن يُسبق البرنامج بحملة تعريفية كبيرة، تعرض هدف البرنامج وزمنه وإيجابياته، وحتى سلبياته المتوقعة في بداية التطبيق إن وجدت.
التحدي الثاني هو ضمان دعم الناس، وخصوصاً موظفي الحكومة للبرنامج، فالبرنامج سيطبقه ويعمل عليه موظفو الأجهزة الحكومية، وبالتالي فلا بد من فهمهم للبرنامج، والتزامهم بتطبيق خطته، ومحاسبة من يتأخر أو يتوانى في تطبيقه لمصالح شخصية ضيقة، أو لأنه لم يقتنع بالبرنامج، فالبرنامج تجاوز مرحلة الرأي والنقاش، وحانت ساعة التطبيق والتنفيذ فعلياً على أرض الواقع.
التحدي الثالث، هو ضرورة توفير الدعم المالي الكافي لتطبيق البرنامج، فالأجهزة الحكومية ربما احتاجت إلى توظيف كفاءات تعمل على البرنامج، أو أجهزة ومعدات، أو انتداب وتدريب بعض الموظفين العاملين على البرنامج، والملاحظ أن كل هذا موقف من وزارة المالية بحجة أن البند لا يسمح. فالتحول يحتاج أموالاً للصرف عليه، ولابد أن يخصص لكل جهة مقداراً مناسباً خارج موازناتها للبدء في البرنامج.
التحدي الرابع هو تحدٍ اقتصادي بحت، فالبرنامج بحسب فهمي يتضمن تقليل إعانة، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وغيرهما من الأعباء التي يتحملها المواطن. وهنا يجب التأكد من عدم مساس كلفة البرنامج بالطبقة محدودة الدخل. فتقليل حجم الإعانة أو فرض الضريبة يتطلب أن يترافق مع برنامج دعم اجتماعي للطبقة الأقل دخلاً، التي ستكون أكبر المتأثرين بتقليل الدعم أو فرض الضريبة.
التحدي الخامس هو كيفية قياس نتائج التحول خلال سنوات تطبيقه، فالبرنامج يجب أن تكون أهدافه واضحة وقابلة للقياس، وما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته. كما يجب الفصل التام بين الفريق الذي ينفذ ويتابع تطبيق البرنامج والفريق الذي يتولى قياس نتائجه، وتحققها على أرض الواقع.
التحدي السادس أن تقليل الدعم وفرض الضريبة أو الرسوم الإضافية على العمالة أو غيرها يعني ضمناً ضعف القوة الشرائية، وهو ما يؤثر على الطلب الفعال الذي هو العنصر الأهم لنمو الاقتصاد. فضعف القوة الشرائية يعني عدم خلق مشاريع جديدة ولا استقطاب استثمارات أجنبية جديدة، وهو ما يعني ضمناً أيضاً ضعف النمو الاقتصادي وضعف خلق فرص العمل في الاقتصاد.
التحدي السابع هو مرتبط بالسادس، فزيادة الكلفة من جهة يجب أن يوازيها حل مشكلات المواطن المتراكمة من جهة أخرى، فتسليم مشاريع الإسكان وتطوير التعليم وتوفير سرير المستشفى، أمور تخفف على محفظة المواطن، وتوازن بين ما يتحمله في مقابل ما يتوقف عن دفعه في مقابل هذه الخدمات.
ختاماً، برنامج التحول الوطني بحسب معرفتي المتواضعة برنامج كبير، درست كل خطواته، ونوقشت كل مزاياه وسلبياته، إلا أن هذا لا يعني عدم ظهور سلبيات وأخطاء التطبيق خصوصاً في مراحل البدايات، وهو ما يوجب على الفريق الذي يدير ويشرف على البرنامج الحضور والاستعداد للتدخل لتعديل الخطأ والخلل، والإجابة عن أي استفسار أو سؤال يتعلق بالتطبيق. ودعواتنا للفريق بكل التوفيق والنجاح في مهمته.
صحيفة الحياة
أضيف بتاريخ :2016/04/09