الاقتصاد السعودي بين الواقع والتعود
ياسين عبد الرحمن الجفري ..
خلال عام واحد، ومع تراجع أسعار النفط عالميًا، عاشت السعودية ضغوطًا عالمية، وتشكيكًا في القدرة علي الاستمرار والحفاظ علي الوضع القائم، وقامت الدولة بخطواتٍ كثيرة وغير معتادة لتصحيح الوضع، واتخذت قرارات لم تكن تُفكِّر فيها، وتم تقديم برامج عدّة تساعد على الحفاظ على الوضع الاقتصادي للسعودية، وبالرغم من أن تحرُّك الدولة كان خلال وقت صغير، وغطَّى مساحات كبيرة لتصحيح وحماية الاقتصاد من التآكل، إلا أن العالم الخارجي وبسبب التعوُّد لم يتفاعل مع الخطوات التي اتّخذتها الدولة، والتصحيحات التي تمّت، وبالتالي ونظرًا لأن العالم الخارجي تَعوَّد على بُطء الحركة، وليس على سرعتها، يرفض تفهُّم الوضع والحركة التي تمر بها السعودية دولةً وشعبًا. حتَّى وإن اتّخذت قرارات كانت في الماضي شبه مستحيلة، لكن العالم الخارجي لا زال ينظر للسعودية بعين التعوُّد وليس الواقع، وبالتالي تجد ومن خلال الوسائط الإعلامية والمؤسسات الدولية وخاصَّة مؤسسات التصنيف، عدم قدرتها على ابتلاع المعلومة، بسبب الصورة النمطية التي اعتادوا عليها، ليُصبح التعوَّد هو المُوجِّه، وبعيدًا عن أرض الواقع الذي يجب أن يكون، وكأن القضية «لن يتم التصحيح»، أو أن الخطوات لم تكن متوافقة مع توقعاتهم.
السعودية وخلال العام الماضي اتّخذت مجموعة كبيرة من القرارات، وعلى مختلف الأصعدة، وأعلنت عن عددٍ من البرامج الاقتصادية، والتي إن تمَّت، يُمكن أن تُحدث تَغيُّرا جذريًا في هيكل الاقتصاد السعودي. كما حدّدت الدولة أهدافًا واضحة لتقليل الاعتماد على النفط، وبالرغم من أن الاقتصاد السعودي مرَّ بمراحل متعددة في المجال الصناعي والزراعي والخدمي، ولكن لا تزال النظرة مُركَّزة على مصادر دخل الدولة، ولا تزال النظرة المُتحكِّمة للاقتصاد السعودي؛ من زاوية مصادر دخل الدولة فقط.
متى تتغيَّر النظرة النمطية والتعوُّد، والتي تغلب على الاقتصاد السعودي، ولا يتم النظر بجدية للواقع الحالي، والتغيُّرات التي تتم على الساحة، المُفترض في الجهات المحايدة كمؤسسات التصنيف العالمية والمؤسسات الدولية، أن تأخذ في الاتجاه المستقبلي من منظور واقعي لأنه يُحدِّد الاتجاه، لا النظر بنفس النمطية، وبالتالي عدم أخذ المتغيرات في الاعتبار، للأسف أثبتت هذه الجهات -وفي عدّة مناسبات على المستوى المحلي والدولي بما فيها التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية- تغليب الحذر والحيطة أكثر من التعامل مع الأوضاع بواقعية، الأمر الذي يجعل قيمة المعلومة ليست بنفس القوة والجودة.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/04/09