زيارات خبيثة لبومبيو ترويجاً لمشروع التطبيع تُرى هل ستنجح مهمته؟ ولماذا تمّ حذف السعودية من قائمة الزيارات وما هو الدور السوداني المنتظر؟
د. حسن النوري
يقوم وزير الخارجية الأمريكي “بومبيو” بحراك دبلوماسي “خبيث”. تتضمن هذه الجولات الترويج لمشروعين فاشلين هما: الترويج للتطبيع مع إسرائيل وموضوع إيران وتصويرها على أنها العدو الأول للعرب.
لطالما استخدمت إدارة ترامب الفزاعة “الإيرانية”، لشيطنة إيران في المنطقة، ودفع الدول العربية إلى الحضن الإسرائيلي. ولكن وجدت الإدارة الأمريكية مؤخرا، إضافة عنصر ترهيب أخر إلى جانب إيران، وهو “تركيا”. وبالتالي أصبحت الولايات المتحدة تقسم العالم العربي إلى معسكرين. معسكر الشر وهم إيران، سوريا، تركيا، لبنان وفلسطين، ومعسكر الخير وهم من يسعى للتطبيع مع اسرائيل.
ولتحقيق هذا المشروع، توجه وزير الخارجية الأمريكية إلى المنطقة في سلسلة من الزيارات تتضمن، اسرائيل، السودان، عمان والإمارات. وللمرة الأولى تحط فيها طائرة قادمة من اسرائيل في السودان. وهذا يشكل خرقاً غير مسبوق من قبل السودان. وعلى الرغم من ذلك إلا أنّ القيادة السودانية أرسلت رسائل واضحة برأينا، عبرت فيها عن موقفها من التطبيع مع اسرائيل. حيث أخبر “عبد الله حمدوك”، رئيس الحكومة السودانية الانتقالية، أخبر بومبيو بأن حكومته لا تملك تفويضاً لاتخاذ قرار بشأن التطبيع مع اسرائيل وأن مهمة الحكومة محدودة باستكمال العملية الإنتقالية وصولاً إلى إجراء انتخابات.
تعددت الأسئلة عن سبب تريّث السودان بعملية التطبيع مع اسرائيل؟ نحن نرى بأن الموقف السوداني جاء نتيجة لفاعلين مهمين أولهما خارجي والأخر داخلي. العامل الخارجي هو الموقف السعودي. فالجميع يعرف تأثير السعودية ونفوذها في قرارات السودان منذ عهد البشير إلى اليوم. فالسعودية رفضت التطبيع ما لم يتم منح الفلسطينيين حقوقهم ومنحهم الحق بدولة فلسطينية مستقلة. وهذا الموقف بحد ذاته نابع من خوف السعودية من ردة الفعل الإسلامية والدول الإسلامية، وبالتالي حاولت السعودية بالتأكيد التأثير على السودان لاتخاذ مثل هذا الموقف. ولكن السؤال الأساسي هنا، ألم يكن من الأحرى بالسعودية منع الإمارات في المقام الأول؟ الجواب برسم السعوديين.
من جهة أخرى لا يمكن إنكار بأن غياب السعودية عن قائمة الزيارات التي يقوم بها بومبيو يأتي في سياق معاقبة السعودية على موقفها من التطبيع. ونحن نتوقع بأن تسوء العلاقات أكثر وأكثر إذا ما استمرت السعودية بالاصرار على موقفها.
العامل الثاني الذي يقف وراء رفض السودان التطبيع مع اسرائيل، هو في الحقيقة جاء صراحة على لسان رئيس الحكومة “حمدوك”. فهذه الحكومة لا تتمتع بأي صلاحيات خارج إطار الإنتقال إلى حكومة منتخبة من الشعب. وخروج السودان عن هذا الإطار يعرّض الحكومة المؤقتة لتظاهرات من الشعب السوداني الرافض للتطبيع، وبالتالي فهذه الخطوة، خطوة مهمة للغاية في تعقّل الحكومة السودانية المؤقتة.
الولايات المتحدة تستخدم ورقة “قائمة الإرهاب” للضغط على السودان، فهل لهذه الورقة أهمية تذكر؟
بالطبع لا، والحكومة السودانية نفسها مُدركة تماماً لهذا. فالولايات المتحدة تصنف السودان على أنه دولة داعمة للإرهاب وجاء هذا التصنيف في زمان حكومة البشير. ومع انتصار الثورة السودانية ونجاحها بإسقاط البشير، فلماذا سيبقى السودان على قائمة الإرهاب؟ يبدو بأن مفهوم دعم الإرهاب تغير في رؤية واشنطن. وهي كل من لا يطبع مع اسرائيل يعتبر دولة إرهابية وداعمة للإرهاب. السودان عليه أن يرفض مثل هذه الضغوطات الخبيثة، لإن التطبيع مع اسرائيل لن يقدم للسودان شيء سوى الإنحراف عن أهداف الثورة وانخراط في مشروع تطبيع مجاني، وفقدان البوصلة السودانية العربية والإسلامية بخسارتها القضية الفلسطينية العادلة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2020/08/27