الصمت والتصريح.. بين التعنيف والاغتصاب
فواز عزيز ..
بحسن نية نمارس الطيران «في العجة» كثيرا.. وبحسن نية نخدم الإشاعات بترويجها ونشرها مرفقة بعبارات إنسانية، وتختفي تلك الإنسانية حين نكتشف أننا وقعنا في شباك الكذب أو التدليس.
قصص الطيران «بالعجة» كثيرة جدا ولا يمكن حصرها ومن أشهرها وأقساها حكاية مريضة السرطان الطفلة «سارة إبراهيم»، وكل القصص المكذوبة تقدم لنا دروسا؛ إلا أننا «نلدغ من ذات الجحر مرات عدة»، ولا نستيقظ من كثرة الصفعات التي تتلقاها عقولنا التي نغيبها حين نرى أو نسمع قصة إنسانية حتى لو كانت من نسج الخيال، فنتعاطف بكل ما أوتينا من عاطفة، وقد نقسو ونظلم..!
من آخر قصص تحليقنا في فضاء «الكذب والتدليس» بحسن نية، قصة الفيديو الذي انتشر تحت هاشتاق #زوجة_أب_تسجن_ولد_زوجها_خارج_البيت، ويظهر فيه طفل يطرق بابا، فانفجرت مشاعرنا الإنسانية وقلنا في حقوق الإنسان والطفل، ما لم يُقل... حتى بعض الصحف الالكترونية أقلعت معنا، ولم تبحث عن المصدر أو تتوثق من المصداقية، بل حتى الجهات الرسمية تفاعلت وأقلعت معنا، وباشرت وزارة الشؤون الاجتماعية الحادثة وبحثت عن منزل الطفل، وبشرتنا بأنها قامت باستدعاء والد الطفل، لكن جاءت الصدمة الأولى بأن بيت الطفل لم يكن فيه «زوجة أب»، والثانية أن الطفل معاق ذهنيا، والثالثة أنه لم يتعرض للتعنيف ولم يحبس خارج المنزل، والرابعة أن الطفل كان يطرق أحد أبواب منزل عمته بعدما خرج من منزله وتأخرت عمته بفتح الباب، كل هذا المعلومات جاءت على لسان وزارة الشؤون الاجتماعية..!
لست هنا أناقش قضية تعنيف الطفل، فقد وصلت إلى الجهة المسؤولة وتستطيع التثبت منها ومحاسبة المخطئ، لكني أناقش قضية تصوير ونشر فيديو لتفاصيل داخل منزل إنسان يمنحه الإسلام خصوصية وحماية من التجسس والتعدي، حيث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلا اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه النبي بمشقص أو نصل السهم، يقول أنس: وكأني أنظر إلى النبي يختل الرجل ليطعنه.
(بين قوسين)
لماذا تتفاعل وزارة الشؤون الاجتماعية علانية وبسرعة مع فيديو مجهول المصدر لتحمي طفلا من التعنيف، بينما تتفاعل ببطء وصمت مع قضية الاعتداء الجنسي على طالبة مريضة «متلازمة داون»، رغم أن القضية حدثت داخل حدود الوزارة وكشفتها موظفة في معهد تابع للوزارة..؟
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/04/14