آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أوس نزار درويش
عن الكاتب :
كاتب وباحث سياسي عربي سوري وأستاذ جامعي في القانون العام

من يقف خلف الستار وراء الإساءة للنبي محمد وللرموز الدينية.. وهل يصلح اردوغان والجماعات المرتبطة به أن يكونوا حماة للمسلمين؟

 

د. أوس نزار درويش

طغت على الأحداث في الفترة الأخيرة في فرنسا موضوع مقتل المدرس الفرنسي (صامويل باتي)على يد لاجئ شيشاني بعد قيامه بإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم لطلابه والتي نشرتها صحيفة (شارلي إيبدو) في ديسمبر عام 2015 وما زاد الطين بلة وعقد الموضوع هو موقف الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون  الهمجي والغير مسؤول والذي استفز من خلاله مشاعر مليار ونصف من المسلمين عندما صرح بعد مقتل المدرس الفرنسي (إننا لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات المسيئة لنبي المسلمين حتى وإن تقهقر البعض).
البعض يقول إن هذا ليس إلا حرية تعبير وخاصة في بلد مثل فرنسا حيث إن شعار ثورتها الأساسي هي الحرية فلو سلمنا جدلا بهذه المقولة الزائفة فما هو التفسير الحقيقي لما قامت به الحكومة الفرنسية في عام 1996 من نزع الحصانة البرلمانية والإحالة للقضاء للفيلسوف والمفكر الفرنسي الكبير (روجيه غارودي) عندما نشر كتابه الشهير (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) وبين فيه  بالأدلة الدامغة زيف ادعاءات اسرائيل واللوبي الصهيوني وأنه لا يوجد لهم أي أحقية بأرض فلسطين وإن الهلوكوست ماهي إلا كذبة كبرى لا أساس لها اخترعها الصهاينة لتكن شماعة يثيروا من خلالها تعاطف العالم ويستنزفوا أموال ألمانيا بحجة التعويض عن ضحايا الهلوكوست فهذا ما يثبت لنا إن الموضوع لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير بل إن الأمر مقصود وفي الواقع إن اللوبي الصهيوني هو من يقف وراء كل هذه الإساءات للرموز الدينية فقبل عدة سنوات خرجت علينا القناة العاشرة الصهيونية بمادة تلفزيونية تسخر فيها من السيد المسيح عليه السلام وأمه السيدة العذراء عليها السلام وأكثر من هذا في العام الماضي قام متحف حيفا الصهيوني بعرض مجسم مسئ للسيد المسيح.
فهذه ثقافة في صميم تكوين الصهاينة وإلا فما هو تفسير قيام الكيان الصهيوني بتكريم الكاتب البريطاني الهندي (سلمان رشدي) عندما طبع كتابه المسئ للإسلام (آيات شيطانية) وأكثر من هذا قام الموساد بحمايته حماية خاصة وإلى الآن فإن المرافقة الشخصية لسلمان رشدي من الموساد .
والآن يعود اللوبي الصهيوني لنفس الكرة بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق أحزاب اليمين المتطرف والتي انتشرت كالنار في الهشيم في أوروبا في الفترة الأخيرة فمنذ الرسوم المسيئة للرسول في الصحف الدانيماركية منذ تسع سنوات مرورا بالرسوم الأخرى المسيئة في صحيفة (شارلي إيبدو) وصولا إلى إعادة نشر هذه الرسوم عن طريق المدرس (صامويل باتي) والدفاع عنها من قبل إيانويل ماكرون.
ففي الواقع إن فرنسا في السابق كانت تتميز بسياسة خارجية مستقلة وبعيدة عن اللوبي الصهيوني وقد مر عليها قادة كبار عظام جعلوا منها دولة عظمى من شارل ديغول مرورا بفاليري جيسكار ديستان وصولا إلى فرانسوا ميتيران لكن بعدها انحرفت فرنسا بشكل كبير وبالتحديد في الفترة الأخيرة من حكم (جاك شيراك) واستسلمت تماما للوبي الصهيوني في عهدي ساركوزي وأولاند والآن اللوبي الصهيوني يسيطر على فرنسا بشكل مطلق وأصبح اللوبي الصهيوني هو من يقرر من يحكم فرنسا وأكبر مثال حي عندنا هو الرئيس الحالي (إيمانويل ماكرون) فماكرون عبارة عن مصرفي شاب لم يكن معروفا وكان يعمل في مجموعة روتشيلد البنكية في فرنسا ثم أعجب به (ديفيد روتشيلد) رئيس مجموعة روتشيلد البنكية في فرنسا وممثل اللوبي الصهيوني فيها وعينه مدير لأعماله وزج به أيضا في عالم السياسة ليصعد صعودا سريعا جدا وليتسلم وزارة الإقتصاد في حكومة (فرانسوا أولاند) رغم إنها كانت حكومة إشتراكية ثم ترشح بعدها للإنتخابات الرئاسية وفاجأ الجميع بفوزه وتغلبه على مرشحين أقوياء ومعروفين في الساحة السياسية الفرنسية ك (فرانسوا فيون ) و(إيمانويل فالس) و(ماريين لوبين)ومنذ انتخابه للرئاسة وهو ينفذ أهداف السياسة الصهيونية وما قيامه ببعض الأمور التي يظهر فيها إنه مستقل عن السياسة الأمريكية إلا تبادل أدوار بينه وبين الولايات المتحدة فهو في الواقع لا يستطيع الخروج عن العصا الأمريكية .
 وفي الحقيقة إن ظهور الإرهاب في فرنسا في الفترة الأخيرة والقيام بالعديد من العمليات الإرهابية ماهي إلا نتيجة من النتائج الخاطئة للسياسة الخارجة الفرنسية فالحكومة الفرنسية هي من تعاملت مع هؤلاء الإرهابيين وحمتهم ورعتهم ووفرت لهم غطاء وأرسلتهم إلى سوريا لتخريبها ولقتل شعبها وأطلقت عليهم عندما كانوا في سوريا لقب الثوار ثم أليست فرنسا هذه هي من قادت هؤلاء الإرهابيين لتدمير ليبيا وكان فيلسوفها (بيرنارد هنري ليفي) هو من يعطي التعليمات لهؤلاء الإرهابيين المتشددين ثم أليست فرنسا هذه من حاولت تدمير سوريا عن طريق الإرهابيين الإسلاميين كما أسلفنا وقام وقتها الرئيس الفرنسي آنذاك (فرانسوا أولاند) باستقبال زعماء هؤلاء الإرهابيين في الإليزيه باعتبارهم ثوار أبطال ثم أليست فرنسا هذه من اعترضت على إدراج جيش الإسلام الإرهابي كمنظمة إرهابية مع إن جيش الإسلام ذبح وقتل وسجن الآلاف في دوما وكان يمطر دمشق يوميا بالمئات بل الآلاف من القذائف مختصر القول للحكومة الفرنسة هذه بضاعتكم ردت إليكم وقد نصحهم الرئيس بشار الاسد في بداية الحرب على سوريا في إحدى مقابلاته في تاريخ الخامس من تموز لعام 2011 نصح الفرنسيين والأوروبيين بأن دعمكم للإرهابيين الإسلاميين المتشددين سيرتد عليكم بعد فترة وبالفعل هذا ما حدث ولسخرية القدر إن من تظاهر بالدفاع عن الإسلام وعن الرسول هو (أردوغان) وفي الواقع هذا الدفاع الكاذب ما هو إلا استعراض مسرحي جديد من أردوغان لكي يكسب شعبية من خلاله فاردوغان هذا ليس إلا ظاهرة صوتية فقط وكلنا نذكر وعوده وتهديداته بشأن سفينة مرمرة وفي النهاية سكت والتزم الصمت لابل أكثر من هذا فأردوغان يعد الخطر الأكبر على المنطقة وعلى الإسلام نفسه لأنه يستخدم الدين الإسلامي والجماعات الإرهابية المرتبطة به كشماعة لأفعاله فهو اليد الصهيونية الخفية لتدمير المنطقة العربية وهذا ما أكده حرفيا أستاذ اردوغان البروفسور نجم الدين أربكان وذلك في عام 2007 خلال مؤتمر عقد بمركز أبحاث الاقتصاد والاجتماع عندما قال (إن اردوغان حصل في عام 2002 على منصب رئاسة مشروع إسرائيل الكبرى.
وكذلك رئاسة مشروع الشرق الأوسط الكبير من الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن بعدما زار البيت الابيض وبعد ذلك حصل على ميدالية الشجاعة من اللوبي اليهودي الأمريكي) هذا ما قاله حرفيا أستاذ أردوغان وما يؤكد صحة أقوال البروفسور نجم الدين أربكان هي أفعال أردوغان وخصوصا عند انطلاق ما يسمى بالربيع العربي فاردوغان عمل على تدمير سوريا وإدخال كل الإرهابيين وشذاذ الآفاق إلى سوريا وأصبح زعيم الإرهاب وعرابه الأول وهذا كله مخطط وذلك لأن سوريا تعتبر الدولة المواجهة الأولى للكيان الصهيوني فاستمر اردوغان في مهمته في تدمير سوريا وقتل الشعب السوري وقام بالإيعاز لمشايخه مشايخ الدم والفتنة لإصدار الفتاوى الشاذة ومن هؤلاء أحد المشايخ وكان يعتبر شيخا كبيرا جدا أفتى وقتها بقتل ثلث الشعب السوري كما أفتى بقتل كل من يعمل مع الحكومة السورية أي عمل سواء كان مدني أم عسكري ومشايخ آخرين يتبعون لجماعة الإخوان المسلمين تكفلوا بهذه المهة عندما اجتمعوا في يونيو عام 2013 في القاهرة أيام حكم محمد مرسي وأعلنوا فتح باب الجهاد إلى سوريا مع العلم إن الكيان الصهيوني من وقتها وإلى الآن يحاول تهديم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ويحاول اللآن ضم الضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية تصفية كاملة ومع هذا نرى صمت شيوخ الفتنة والضلال هؤلاء صمت الأموات.
فاردوغان وأتباعه ليسوا إلا أدوات رخيصة في المشروع الصهيوني التخريبي ولا يحق له أن يدعي إنه يدافع عن الإسلام وعن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأن النبي محمد برئ من أفعاله وهو لا يحارب ولا يعادي إلا الدول المناهضة للكيان الصهيوني فهو يحارب سوريا ويحارب العراق ويحاول تخريبها ودوره التخريبي في ليبيا ونقله للإرهابيين الإسلاميين من سوريا إلى ليبيا بينما ذكرت صحيفة هآرتس في عددها الصادر قبل شهر إن (بلال اردوغان) إبن رجب طيب اردوغان هو أكبر شريك تجاري للكيان الصهيوني ولديه شركات تجارية داخل الكيان الصهيوني فاردوغان والجماعات المرتبطة به هم من يقوموا بتكريه وتنفير  الناس من الإسلام.
وفي النهاية فإنني أقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر بكثير من أن تسئ له بعض الرسوم التافهة أو رئيس أو كاتب تافه ولكن هناك واجبات على المسلمين يجب عليهم فعلها إذا كانوا يحبون نبيهم ومن أهمها احترام ومحبة الأديان السماوية الأخرى وعدم الإنجرار وراء مشايخ الفتنة المتطرفين والقضاء على مرض الطائفية المقيتة الذي انتشر في جسد المسلمين بشكل كبير ويفتك به فتكا كبيرا وتبقى المسألة الأهم وهي إعادة دراسة الموروث الإسلامي دراسة صحيحة ونبذ كتب التراث والإسرائيليات التي وضعت داخل الموروث الإسلامي للإساءة للنبي والتي لا تتفق لامع العقل ولامع المنطق والتي للأسف الشديد الكثيرين لا يقبلون المس بها حتى لو أساءت للنبي وكما قال إبن رشد(ليس من المنطق أن يمنحنا الله عقولا ثم ينزل علينا دينا مخالف لهذه العقول)عندئذ وبهذه الطريقة نكون نصرنا نبينا ننصره بالعمل وبالإرتقاء بأنفسنا لا بالقتل والعنف والشتيمة فهذه أساليب الضعفاء والعاجزين والأهم أن ينهل المسلمون من العلم وأن يبتعدوا عن البدع والخرافات لأن النبي حارب البدع ولكن للاسف الدين الإسلامي في أيامنا هذه صار غريبا وبعيد عن النبي وتحكمه البدع والخرافات والتي لاعلاقة لها بالدين وأختم مقالي بقول الفيلسوف البريطاني الكبير (بيرتراند راسل) وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل لعام 1950 عندما قال (لقد قرأت عن الإسلام ودين الإسلام فوجدت إنه دين يصلح ليكون دين الإنسانية فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها وكان محمد بتعاليمه وكتابه أحق بكل الجوائز لكنه لم يسع لذلك وترك الأمور تسير بطبيعتها لقد كانت أخلاق محمد هي المفتاح   للإنسان الحقيقي الذي يحلم بأن يكون لوجوده معنى).

صحيفة رأي اليوم
 

أضيف بتاريخ :2020/10/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد