أميركا وإيران معاً في فيينا: لا توقُّعات بخرْق قريب
محمد خواجوئي
أثار الحضور المتزامن للوفدين الأميركي والإيراني في فيينا جدلاً واسعاً (أ ف ب )
يحضر ممثّلو كلٍّ من أميركا وإيران، اليوم، بشكل متزامن في فيينا، حيث يُتوقّع أن تجري مباحثات، غير مباشرة على الأقلّ، في إطار المساعي الجارية لإعادة إحياء الاتفاق النووي. مساعٍ لا يُنتظر أن تؤتي أكلها خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، على رغم استعجال الإدارتَين الحاليتين في واشنطن وطهران إنجاز تفاهُم قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية
طهران | تَعقد اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، اليوم، في فيينا، اجتماعاً يحظى باهتمام كبير، نظراً إلى الحضور المتزامن لمُمثّلي إيران والولايات المتحدة فيه. وكان قد اتُّخذ القرار بعقد هذا الاجتماع يوم الجمعة الماضي، خلال اللقاء الموسمي للجنة المشتركة، والذي تمّ بصورة افتراضية، بمشاركة إيران والدول الخمس الباقية في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا). وعلى الرغم من أن أميركا لا تشارك في المحادثات الرسمية للجنة المشتركة، لكونها انسحبت من «خطّة العمل المشتركة الشاملة»، إلّا أنها، وعبر إرسال وفد يُمثّلها إلى فيينا، تسعى إلى إجراء مشاورات على هامش الاجتماع، بهدف التوصُّل إلى تفاهُم مع إيران لإعادة إحياء الخطّة.
ويثير الحضور المتزامن للوفدَين الأميركي والإيراني في فيينا جدلاً واسعاً حول إمكان حصول محادثات بين الطرفين. وعلى الرغم من أن مساعد وزير الخارجية الإيراني، عضو الوفد المفاوض عباس عراقجي، رفَض، عشية اجتماع فيينا، إجراء أيّ محادثات مباشرة أو غير مباشرة، إلّا أن صحيفة «إيران» الحكومية رأت أنه «إن كانت النقاشات المستقبلية في فيينا وإضفاء الشفافية على أبعاد معالجة المواضيع محلّ الخلاف في الاتفاق النووي، بحاجة إلى إيضاحات المندوب الأميركي، فإنه ليس من المستبعد أن تجري هذه المشاورات بصورة غير مباشرة». ويأتي ذلك بينما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، أن المحادثات غير المباشرة مع إيران في فيينا ستكون «بنّاءة من وجهة نظر أميركا فعلياً». كذلك، لم يستبعد مندوب روسيا الدائم لدى المنظّمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، احتمال أن يُجري المندوب الأميركي مشاورات مع سائر أطراف الاتفاق النووي.
مصير مشروع «خطوةً فخطوة»
ويُعقد اجتماع فيينا بينما ربطت أميركا، على مدى الشهرين الأخيرين، عودتها إلى الاتفاق النووي ورفْع العقوبات عن إيران، بعودة الأخيرة إلى التزاماتها، بما في ذلك إلغاء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. وفي المقابل، اشترطت طهران رفْع العقوبات الأميركية مقابل العودة إلى التزاماتها، الأمر الذي خلق أفقاً مسدوداً أمام مسار إعادة إحياء الاتفاق. ويبدو أن هدف أميركا وأوروبا من اجتماع فيينا يتمثّل في صياغة آلية لعودة الطرفين، خطوةً فخطوة، وبشكل متزامن، إلى التزاماتهما. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن المواضيع الأوّلية التي ستجري مناقشتها هي الخطوات النووية التي يجب أن تتّخذها إيران، وخطوات خفْض العقوبات التي يجب أن تتّخذها أميركا.
يبدو أن الهوّة بين توقُّعات إيران وأميركا واسعة إلى درجة لن يتمّ ردمها خلال أشهر
وفي السياق نفسه، أكد رئيس مؤسّسة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، بعد ساعات من اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي يوم الجمعة، أن المحادثات النووية قد «تجاوَزت الطريق المسدود»، كما تخطّى الطرفان موضوع «مَن يتعيّن أن يتّخذ الخطوة الأولى»، مضيفاً أن المحادثات المتعلّقة بإحياء الاتفاق قد دخلت «المراحل الفنيّة». ولمح إلى مشروع عودة إيران وأميركا، خطوةً فخطوة، إلى الخطّة، حيث قال إن «عودة إيران إلى التزاماتها النووية تستغرق بعض الوقت، وهي بحاجة إلى شهرين أو ثلاثة أشهر على الأقلّ»، موضحاً أن «إيران قادرة على وقْف بعض الإجراءات، وألّا تقوم بتركيب أجهزة طرد مركزي إضافية، وأن تقوم على الفور بوقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة باتّخاذ إجراءات، بما فيها وقف تنفيذ العقوبات».
لكن، بعد فترة وجيزة من تلك التصريحات، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنه «ليس هناك أيّ مشروع خطوة فخطوة»، مكرّراً أن «شرط وقْف إيران لإجراءاتها التعويضية، يتمثّل في الرفع الكامل للعقوبات والتأكُّد والتحقُّق من ذلك». وكان مستشار رئيس الجمهورية، حسام الدين آشنا، قد تحدّث إلى «الأخبار» عن العودة «خطوة فخطوة» إلى الاتفاق، إلّا أن المتحدّث باسم وزارة الخارجية ردّ على ذلك بالقول إن هذه التصريحات «تعكس وجهة نظره الشخصية».
وفي هذا الصدد، قال مصدر مقرّب من الحكومة، لـ«الأخبار»، إن حكومة حسن روحاني، التي تمضي أشهرها الأخيرة، «تبحث عن تحقيق إنجاز في مجال إعادة إحياء الاتفاق النووي، ورفْع العقوبات بأسرع ما يمكن، وخلال الأيام المقبلة، لكي تَترك سجلّاً حافلاً عنها، فضلاً عن تعزيز موقف حُماة الاتفاق النووي في الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى بعد نحو شهرين من الآن». وبحسب المصدر نفسه، فإن «بعض الأطراف في حكومة روحاني يدافع عن مشروع عودة إيران وأميركا خطوة فخطوة إلى الاتفاق النووي، ويسعى إلى وضْع رؤيته موضع التنفيذ». بيد أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، يعارض هذا التوجُّه، وكان قد أعلن أكثر من مرّة أنه يجب على أميركا أن تقوم أوّلاً برفع العقوبات، لكي تعود إيران إلى التزاماتها. وأضاف المصدر أن الأجهزة العليا في الدولة نبّهت الحكومة ووزارة الخارجية إلى أن سياسة إيران في معارضة مشروع العودة خطوة فخطوة إلى الالتزامات، هي «قطْعية وباتّة ولا يمكن تجاوُزها». وفي الإطار المتقدّم، كتبت صحيفة «كيهان»، المقرّبة من المرشد الأعلى، في تحليل لها عن اجتماع فيينا، أن «أميركا وأوروبا بصدد إحياء الاتفاق النووي، من خلال مسرحية هزلية، من دون رفع العقوبات».
على العموم، يبدو أن الهوّة بين توقُّعات إيران وأميركا واسعة إلى درجة يُستبعد أن يتمّ ردمها خلال الأشهر المقبلة. وعليه، تشير القرائن إلى أن المسار الدبلوماسي الجادّ والرئيس بين طهران وواشنطن، دُفع إلى ما بعد اتّضاح نتائج الرئاسيات في إيران، فيما من المستبعد أن يحصل تطوّر ملموس وفعلي في غضون الأسابيع القليلة الآتية.
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2021/04/06