معاناة مدينة جدة من الصرف الصحي
حسين أبوراشد ..
بتاريخ 25/5/2001م، كتبتُ مقالًا بعنوان: «معاناتنا مع الصرف الصحي باي باي» وأشرتُ فيه إلى أن مدينة جدة واحدة من أكثر المدن تلوّثًا في العالم، ويعاني قاطنوها من غياب شبكة الصرف الصحي في غالب أحيائها ومخططاتها، وقد اكتظت شوارعها بصهاريج الصرف الصحي تسير جنبًا إلى جنب مع صهاريج مياه الشرب، ناشرة معها الأوبئة والأمراض والروائح الكريهة، ناهيك عما تُحدثه من تلف للبنى التحتية، إضافة إلى ما تُسبِّبه من ارتفاع لمنسوب المياه الجوفية، وتلوث مياه الشرب،
وما تُسبّبه كذلك من أضرار على البحر والبحيرات نتيجة للصب المباشر -غير المعالج- فيها، وأوضح دليل على ذلك ما يحدث في «بحيرة الشباب» و»بحيرة الأربعين» آنيًا، واستمرار انبعاث الروائح الكريهة منهما.
أذكر أن رئيس وحدة المياه آنذاك المهندس عبدالله العساف قد دعاني وقتها للقاء برئيس الشركة مع مجموعة من الصحفيين وكُتَّاب الرأي، للقيام بجولة على مشروعات الصرف الصحي والاستفسار من رئيس الشركة وبشكل مباشر عن المشروعات الآنية والمستقبلية. وكان أن انعقد لقاء صحفي بعد تلك الجولة التي تفاجأ الجميع بما شاهدوه من خلالها، حيث كان العمل يسير على قدمٍ وساق من قبل الشركة الفرنسية المشرفة على تلك المشروعات، وعلى الأخص تلك الحفرة الكبيرة التي يسمونها «النفق»، وهي كما قيل لنا آخر حفرة تجميع في منظومة الصرف الصحي عمقها 70 مترًا موصّلة بمحطة الرفع ومنها لمحطة المعالجة.
وبكل أمانة ومصداقية، فإن ما رأيناه كان يُمثِّل مشروعات ضخمة عملاقة، غالبيتها باطن الأرض على شكل أنفاق وأنابيب يصل قطرها إلى 3 و4 أمتار، إلا أن الإشكالية الكبرى التي كدّرت صفو جولتنا تلك كانت فيما لاحظناه من توقف العمل بالمحطة التي تُعرف بمحطة الرفع أو هكذا بدا لنا الأمر الذي جعلني أسأل عن سبب ذلك التوقف وبشكل مباشر رئيس الشركة المهندس لؤي مسلم، الذي أفادني بأنه لا يوجد أي تعثر في جملة مشروعات الصرف الصحي بشكل عام، وأن تلك المشروعات إنما تسير بحسب ما خطط لها، وأنه سوف يتم العمل على إيصال التوصيلات المنزلية في نهاية عام 2011 وفي عام 2013 ستصل الخدمة إلى 70% وتكتمل جميع التوصيلات المنزلية عام 2015.
بعدها كتبت مقالًا تفاءلت فيه بما شاهدت من أعمال ولم أشر فيه إلى ملاحظة توقف محطة الرفع بعد تطمينات وتأكيدات سعادة رئيس الشركة بأن كل شيء على ما يرام!
لينهال عليّ العديد من الاتصالات بعد المقال في مجملها غير متفائلة بتلك المشروعات وتوقيتاتها وخططها، وكانوا فعلًا على حق وهذا ما حدث، بل إن الجميع أشاروا إلى أن ذلك اللقاء كان فقط من باب الاستهلاك الإعلامي ليس إلا!
وفي 14 فبراير 2013 التقيت برئيس وحدة المياه وبيّنت له خيبة أمل المواطنين في مشروعات الشركة ووعودها التي لم تلتزم بها من خلال التصريحات الصحفية لمسؤوليها، إلا أنه أفادني بأن الشركة التزمت بتنفيذ مشروعاتها وهي عند وعودها.
لكن وبعد عدة أسابيع قليلة تلقيت عددًا من مكالمات المواطنين والأصدقاء بأن بعض تلك الأحياء لم يكتمل المشروع بها، وعليَّ التريث وعدم الاندفاع في التفاؤل، وأن ليس كل ما يُقال يُصدَّق! وصدق من أشار إليَّ بالتريث وعدم الاندفاع بالتفاؤل وتصديق كل ما يصدر من تصريحات لرئيس الشركة التي أشار إليها بعدم وجود مشروع متعثِّر للصرف الصحي، وأن معاناة مدينة جدة مع الصرف الصحي تنتهي بنهاية عام 2015، وحتى تاريخه لم تكتمل مشروعات نصف المدينة تقريبًا.
ومن الأسئلة المحورية هنا: كيف يثق الناس في الشركة القائمة على مشروعات الصرف الصحي ومعاناة الناس مستمرة والأحياء الشمالية و الجنوبية الشرقية والغربية لم يصل منازلها الصرف الصحي، ناهيك عن تلوث بحرها وبحيراتها بالمياه غير المعالجة، وهبوط شوارعها؟
ننتظر من شركتنا الموقرة، الرد على ما ذُكر.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/04/26