«الوطنية لحقوق الإنسان»... هل تتعرض لضغوط؟
10 مارس/ آذار 2015، كان يوماً «مشهوداً» في تاريخ سجن جو، إثر ما شهده من أحداث وصفتها الأجهزة الأمنية بـ «التمرد» الداخلي في السجن.
القضية كبيرة، تشهدها أروقة القضاء، وتم الحديث عنها في جلسات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ولم يصدر بعد بشأنها أي تقرير من جهة محايدة يكشف فيه ملابسات تلك الواقعة التي مر عليها حتى يومنا هذا أكثر من سبعة أشهر (أكثر من 210 أيام تقريباً).
ما يجعلني أثير الموضوع من جديد، هو حديث المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان خلال فعالية أقامتها في جنيف على هامش الدورة 30 لمجلس حقوق الإنسان بعنوان «دور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين»، طالبت فيه من هناك بتحسين أوضاع المسجونين، بعد تقديمها «مؤخراً» تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان بعد الأحداث التي تعرض لها سجن جو في مارس الماضي وأرسل إلى الجهات المعنية، وتم الخروج بعدد من التوصيات لتحسين أوضاع المسجونين.
المؤسسة أكدت أنها أنشئت بموجب القانون رقم 26 لسنة 2014 حيث تتمحور مهامها في تعزيز وتنمية حقوق الإنسان والعمل على ترسيخ قيمها ونشر الوعي بها، حيث جاءت متوافقة مع مبادئ باريس المنظمة لعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ويبقى السؤال في ظل كون المؤسسة متوافقة مع «مبادئ باريس» فلماذا بقي تقريرها بشأن أحداث سجن جو «سرياً» ولم ينشر على الرأي العام لمعرفة ملابسات الحادثة من قبل جهة حقوقية تحمل صفة الاستقلالية، مكتفية بتسليمها التقرير فقط لوزارة الداخلية؟
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تعلم بأن قضية سجن جو والأحداث التي شهدها تم تداولها عالمياً، حتى وصف وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة بيان مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بـ «الظالم» بشأن ما حدث في سجن جو، مشيراً عبر «تويتر»، في 27 يونيو/ حزيران 2015 إلى أنه تم إرسال مقطع فيديو يحكي قصة أحداث سجن جو التي أسفرت بحسب الرواية الرسمية عن إصابة 141 من رجال الأمن و104 من المحكومين، إلى المفوض السامي قبل صدور البيان.
في الوقت الذي دعا فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين حكومة البحرين إلى التحقيق الفوري بادعاءات التعذيب، قائلاً في كلمته في افتتاح الدورة الـ 29 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، الأحد (15 يونيو 2015) «في البحرين هناك عشرات المحتجزين الذين ادعوا تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك في سجن جو، وأنا أدعو إلى التحقيق الفوري في هذه الادعاءات، وجميع المحتجزين بسبب ممارستهم للأنشطة السلمية ينبغي الإفراج عنهم»، فإن المؤسسة الوطنية تضع تقريرها في الأدراج السرية.
الغريب أيضاً أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التزمت الصمت طوال تلك الفترة، ولم تتحدث أبداً عن ما شهده سجن جو من أحداث من الطرفين (السجناء أو المسئولين عن إدارة السجون)، على رغم أن هذه المؤسسة لديها منشورات ووثائق تتحدث فيها عن «المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء»، وقامت بزيارة السجن وإعداد تقريرها «السري» لتخرج بعد سبعة أشهر من الحادث لتقول إنها طالبت بتحسين أوضاع السجناء هناك، من دون أي تفاصيل!
لا تحتاج المؤسسة الوطنية لنذكرها بأنه في أحداث سجن الحوض الجاف أخرجت تقريرها، ونشرته للعامة للاطلاع عليه وتحدث عن ما حدث هناك، إلا أنها في أحداث سجن سجن جو، اعتمدت مبدأ «السرية» لتقريرها، وهو ما يطرح سؤالاً كبيراً، هل تراجع أداء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؟ وهل تتعرض هذه المؤسسة لضغوط بحيث تتحول تقاريرها من العلنية للسرية؟
الكاتب: هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية.
أضيف بتاريخ :2015/10/07