غبنا.. فغابت الحياة
على وجه البسيطة.. وبين بقاع الأرض قاطبة.. نحظى نحن بالحظ الأكبر والنصيب الأوفر من الاقتتال والدمار، في منطقة الشرق الأوسط تحديدا دون أي مكان آخر في العالم. هنا الحرب.. وهنا الصراع.. هنا يُفتقد الأمن.. وهنا تتوقف الحياة!
في بلادنا العربية فقط يعبث العالم، في أرضنا فقط يقتلون ويدمرون، وفي شعوبنا ومقدراتنا فقط يعيثون ويفسدون، فينا فقط من دون خلق الله أجمعين، وفي أرضنا فقط من دون كل أرض رب العالمين!
لماذا نحن؟ ولماذا هذه البقعة فقط من الأرض؟ هل هي نَجَس؟ أم نحن رذيلة؟ أم هي لعنة السموات على هذه الأمة؟
أكاد أختنق حين أفكر في بلادي العربية وما يحدث فيها ولها.. في أرض السواد على ضفاف الرافدين.. في شامنا الأبيّ البهي وبردى الخير.. في أرض الأرز والمتن وفيروز.. في يمن السعد والحكمة وسبأ وبلقيس.. وفي الأرض المباركة!
لماذا نحن وعلى أرضنا كان إبراهيم وموسى وعيسى وصالح وهود؟ لماذا نحن وعلى أرضنا ومنا وفينا كان محمد؟ لماذا نحن بلاد المقدسات ومجمع الخيرات وأرض الرسالات؟
لم تعد شمسنا تشرق بأرخبيل الحلم ولا تغيب بشفق الأمل.. غابت أهازيج الفرح وخفتت قهقهات السهارى وبلعت العذارى أحلامها وغابت فرسانها وأحصنتها.
وغاب القمر.. حجبته براميل القنابل وما امتلأت به المآقي من دموع وما رام على الخافق من أسى.. وغاب الضياء.. إلا من فتيل قنبلة أو وهج انفجار،
وتضاءلت المساحة.. لم ترضها الأم لوليدها ليلهو مع أقرانه فأبقته في حضنها ملتصقا بصدرها.. غدا مع أول انفجار قد يكون هناك.. بعيدا في قبره.
غاب الفرح والأمل من واقعنا، غاب من أرضنا، غاب من بيوتنا، غاب من بين جدراننا وشوارعنا وأزقتنا، لأننا نحن قد غبنا، وعندما غبنا غابت الحياة.
الكاتب: د. ناصر الجهني
صحفية مكة.
أضيف بتاريخ :2015/10/07