أطول إجازة في الحياة
هبة زهير قاضي ..
بدأت بوادر الإجازة تحل علينا، وبدأت خيراتها تغرق بيوتنا سهرا ومردعة وساعات أطول على البلاي ستيشن، وأطول منها على ناصية الشارع، وأطول من كليهما على شاشات الجوالات. وكل هذا معتاد في إجازاتنا، ولكن إجازة هذا العام مختلفة، فهي طويلة طولا غير مسبوق، وبالتالي فإن الفراغ المقبل علينا وعلى أولادنا فراغ غير مسبوق.
وهنا أبث تعاطفي للأهالي خاصة الذين يستنفدون أنفسهم لدفع رسوم المدارس الخاصة طول العام، لتحل عليهم الإجازة فيصعقوا بأسعار مهولة ومبالغ فيها للبرامج الصيفية والأنشطة. أبث تعاطفي للأطفال واليافعين أنفسهم، ولطاقات مهدرة لا تعرف أين تتوجه، ولا تدرك مدى قدراتها. أبث تعاطفي لشوارع ستمتلئ بالحيارى والهائمين بدون هدى بغرض التسلية وتمضية الوقت، ولمرافق ترفيهية سيئة ستزداد سوءا من كثرة الضغط عليها. ولكن تعاطفي الأكبر يذهب لعامل النظافة المسكين الذي لن تسنح له الفرصة لصلب طوله في مقابل ذلك الكم الهائل من النفايات التي ستغرقنا كما السيول.
حسنا يا وزارة التعليم، أعلم أنك ما كدت تنتهين من مسؤوليتك نحو هذا الكم الهائل من البشر، وأنك كما الباقين تتطلعين إلى فسحة من الوقت للاستراحة وشحذ نفسك لمسؤوليات عام جديد. ولكن يا عزيزتي الوزارة الموقرة أمامك فرصة عظيمة لتعويض النقص والتقصير في برامجك ومقرراتك بخصوص مهارات الحياة والأنشطة اللامنهجية. فما رأيك يا وزارتنا في بعض الأفكار والمبادرات التي تستثمر مواردك الحالية من مبان وباصات، وقوتك الديمجرافية من انتشار، ووضعك الرسمي من تصاريح وتعاونات، بأن تقومي بالتشارك مع الجهات الخاصة التي تقدم البرامج الصيفية المميزة، والأنشطة الرياضية المؤهلة، والرحلات الترفيهية والتعليمية العالية الجودة. بحيث توفرين لهم مواردك، وتسمحين لهم باستثمار المتطوعين من الكوادر المفعمة بالحماس والأفكار والرغبة في خدمة المجتمع. ثم تربطين كل هذا ببرنامج وطني يحتسب لهذه الجهات نظام مكافآت عينية أو مادية كشركاء لوزارة التعليم مما يقلل تكاليفهم ويساعدهم على تخفيض أسعارهم. وأيضا يتم عمل نظام يحتسب للمتطوعين ساعات عملهم كنقاط داعمة في سجلاتهم الدراسية مما يكسبهم الخبرة ويحفزهم للمزيد من العطاء. ويمكن أيضا التعاون ما بين وزارة التعليم وهيئة الترفيه ليكونا معا نموذجا رائعا للتكامل.
لم تكن الأموال يوما هي مشكلتنا الأولى، ولا نقص الكفاءات والعقول المفكرة، ففي جعبتنا الكثير والكثير من الأفكار والفرص الذكية لتبادل المنافع. وكل ما نحتاجه حقا هو أن يتم فتح المجال، ثم إرساء الوسيلة والآلية والنظام الذي يتيح لنا عرض هذه الفرص، والأهم متابعة تطبيقها وتقييمها.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/05/18