حراسة المساجد.. مزيد من الحذر
فاضل الطالب ..
تمر علينا قريباً الذكرى السنوية الأولى لجريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، الذي راح ضحيته مصلون صائمون ساجدون لله المولى القدير. وقد شدّدت وزارة الداخلية، بالتعاون مع إدارات المساجد وأماكن العبادة، إجراءات الأمن والسلامة بعد الحادث مباشرة، وقامت بواجبها على أكمل وجه، وهكذا نحن «بعد أن طاح الفأس بالرأس» نتوجه لهم بالشكر والثناء.
إلا أنه ومع مرور الأيام لاحظت شخصياً، وكما لاحظ كثيرون غيري، وللأسف، نوعا من التراخي في إتباع هذه الإجراءات في الأسابيع والأشهر الماضية، وفي بعض المساجد فقط، وقد أثار استغرابي ذلك حقيقة، واستفسرت عن هذا الأمر من أحد رجال الأمن المعنيين بالتفتيش، وسألته لم لا يقوم بواجبه؟! فلم يعرني أي اهتمام، وقال بعد أن وضع رجلاً على أخرى إنه «يعرف من يفتش». لا أدري إن كان يعرفه من «شامة» على الخد الأيسر، أو «صعرورة» فوق الحاجب الأيمن، أو أن حضرته يملك «قرون استشعار» خاصة به، فتوجهت بالسؤال إلى إدارة المسجد عن سبب عدم قيامهم بذلك بعد تراخي رجل الأمن، فأجابوا بأنهم منعوا من القيام بذلك الأمر بناء على أمر من وزارة الداخلية، فقمت بإبلاغ أحد أقربائي في الوزارة ورجوته متابعة الأمر لما به من خطورة واضحة على مرتادي المساجد، فمن قاموا بتفجير مسجد الصادق ما زالوا في مستنقعهم الفكري ذاته، وهؤلاء الأوباش ما زالوا بالتأكيد يتحينون الفرص، الواحدة تلو الأخرى، لتكرار فعلتهم الشنيعة، لذا فعلينا الحذر وكل الحذر من ذلك. وأتوجه شخصيا إلى قياديي الوزارة بضرورة المتابعة والمراقبة لكي لا تتكرر المأساة والفاجعة مرة أخرى.
أعلم أن هناك صفّا آخر من الشباب المؤمنين ممن يضحون بأنفسهم دفاعا عن بيوت الله، وأعني بهم حماة المساجد، وجودهم ضروري ومساند لدور أفراد الشرطة، ولكنهم بالطبع ليسوا بكفاءتهم، لافتقارهم إلى التدريب وكيفية التعامل مع الأحداث الأمنية إذا ما وقعت لا سمح الله، لذا فالاعتماد الرئيسي على أفراد «الداخلية»، الذين ندعوهم لضرورة المراقبة والمتابعة أولا بأول.
ومن المؤكد أن حراسة المساجد ليست الحل الجذري، ومن غير المعقول أن نظل نرهق المصلين بهذه الإجراءات لمدد طويلة من الزمن؛ لذا يجب تضافر جميع الجهود للقضاء على الفكر المنحرف ووسائله المتعددة، التي تحض على الكراهية وتنتج مثل هؤلاء الإرهابيين، فإغلاق منابع التكفير والإرهاب هو الأصل وليس تشديد الحراسة، ومحاربة التطرف الفكري والعقائدي في مهده ومحاصرته، وإلغاؤه أولى من مراقبته والحذر منه، فإذا ما تمكنا من ذلك، فعندئذ فقط نتمكن من العيش بسلام.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/05/25