ما لم يكتب عن محمد علي كلاي
علي الشريمي ..
لا يمكنني قطع مسافة 10 آلاف ميل لقتل أناس آخرين فقراء والعمل على سيادة جنس على الآخر!
لا أدري إن كان هناك كلام ثمين يمكن أن يقال الآن عن محمد علي كلاي، الذي سيوارى الثرى غدا الجمعة بولاية كنتاكي. ففي الأعم الأغلب، كل ما يجب أن يقال قد قيل، وعلى الأغلب كل ما قيل لا يسعف في التعبير ولا في التقدير. فليس بالأمر اليسير أن يستطيع إنسان واحد إحداث هذا القدر من التغيير، ليس فقط على المستوى الرياضي، ولكن كذلك على المستوى الإنساني كذلك، فهو لم يكن فقط ملاكما رياضيا دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولكنه كان رجلا تعددت مناقبه ومزاياه. ولعل الحديث عن إنسانيته أو تحديه لبشريته هو الأوقع في مناسبة الفراق.
يقول عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما: "محمد علي كلاي كان الرجل الأعظم، قاتل من أجلنا وبسبب معاركه خارج الحلبة خسر لقبه وصورته العامة. كما أصبح له الكثير من الأعداء وتعرض للإهانة، وكان على وشك دخول السجن أيضا، ولكن تمسكه بمواقفه. وصب الانتصار الذي حققه في صالحنا، ولولاه ما عرفنا أميركا التي نراها اليوم". كانت له الكثير من المواقف الإنسانية التي قام بها لحماية أرواح الناس والتي شهد العالم كله له بها، ومن خلال هذه المواقف تم اختياره أكثر من مرة سفيرا للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة. ومن هذه المواقف طلب تقدم به للرئيس العراقي الراحل (صدام حسين) بأن يقوم بالإفراج عن بعض الرعايا الأمريكيين الذين تم اعتقالهم في العراق أثناء حرب الخليج، وكان النظام العراقي يريد المساومة عليهم مع الإدارة الأمريكية، وبالفعل قبل صدام حسين طلب محمد علي وقام بالإفراج عن 6 أفراد من المعتقلين الأمريكيين قائلا: "لن نجعل الحاج محمد علي يعود إلى أميركا بيدين فارغتين ودون أن يرافقه عدد من الأمريكيين الموجودين لدينا".
كان موقفه المبدئي من نظام التفرقة العنصرية لافتا لانتباه العالم، إذ قال إن "الملاكمة ليست إلا الكثير من الرجال البيض الذين يستمتعون بمشاهدة رجلين أسودين يضرب بعضهما بعضا".
كلاي ابن ماضيه وصانع مستقبله، إلا أنه انتهج منهجا جديدا، لا ينتمي إلى ماضيه ولم يتنازل لمستقبله، اختار أن يتسامح ويسامح، اختار السلام، ليس في الحياة الرياضية فقط ولكن في دخيلة نفسه، فغسلها من الكراهية ونقاها من الضغائن، إذ كان يصف اختلاف الديانات بأنها مثل الأنهار والبحار والمحيطات ذات أسماء مختلفة ولكنها جميعا تحمل المياه والخير، وواحدة في جوهرها، وهو داعية للتعايش الإنساني، وحينما رفض الذهاب إلي حرب فيتنام قال إنه لا يمكن يقطع مسافة 10 آلاف ميل لقتل أناس آخرين فقراء وللعمل على سيادة جنس على الآخر!
شارك محمد علي في حركة الحقوق المدنية وظهر في بعض المنتديات مع مارتن لوثر كينج.
من الأهمية بمكان التوقف عند إسلام محمد علي، فهو لم يتناقض مطلقا مع البحث عن مجتمع إنساني لكل البشر من كل الديانات والألوان واللغات. ولم يستخدم إسلامه الحنيف للانتقاص من حقوق الآخرين، فهو المسلم الذي يعيش إنسانيته في إنسانية الآخرين. من كلماته الأخيرة: الآن الأمور التي لم تكن تتطلب جهدا في السابق -قوة صوتي وسرعة حركتي- باتت أكثر صعوبة. ولكنني أستيقظ كل يوم وأحاول أن أعيش الحياة بكل جوانبها لأن كل يوم نعيشه هو هبة من الله.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/06/09