استسلام!
محمد أحمد الحساني ..
لفت انتباهي خبر صحفي نشر في الآونة الأخيرة بصحيفة مكة المكرمة عن تحذير صحي صادر من وزارة الصحة عبر موقعها في (تويتر) موجه إلى زوار مدن ومحافظات وقرى جنوب المملكة العربية السعودية، والموجودين فيها من السكان من الإصابة بمرض الملاريا، الذي يعد مستوطناً في تلك المناطق، وعزا المصدر الصحي سبب استيطان الملاريا لذلك الجزء من الوطن الغالي لأعذار غير مقبولة؛ منها صعوبة ووعورة الطرق في ساحل تهامة وبالتالي صعوبة الاتصال معها، وعدم توفر الأيدي العاملة المتخصصة في مكافحة الملاريا؛ مما أدى إلى عرقلة مشروع مكافحة الملاريا في المنطقة واستسلام الصحة لهذا الواقع وطلبها من السكان والزوار «التوجه» إلى أقرب مركز صحي عند شعورهم بالحمى وارتفاع درجة حرارة أجسادهم ليتم تشخيص المرض وإعطاء العلاج المناسب.. ولا شيء غير ذلك!.
وما لفت نظري في الخبر المشار إليه، أن جميع ما تم تقديمه من مبررات وأعذار أدت إلى الاستسلام للملاريا وعدم الوقاية منها والاكتفاء بمعالجة المصابين الذين يستطيعون الوصول إلى المراكز الصحية في المنطقة الوعرة، قبل فوات الأوان هي أعذار واهية، لأن جميع تلك المبررات غير مقنعة أو مقبولة، فإذا كانت وعورة الطرق في المناطق الجنوبية قد أعاقت وصول فرق مكافحة الملاريا إلى تلك المناطق وهي فرق زائرة غير مقيمة أو ترتبط إقامتها بانتهاء عملية المكافحة في كل موسم أمطار، فماذا يقول سكان تلك المناطق الوعرة الذين ارتبطت حياتهم وسكنهم ومعاشهم بالمناطق الوعرة، وكيف استطاعوا على الرغم من عدم تمهيد الطرق لهم وهو واجب وزارة النقل التأقلم مع وعورة المناطق فيما عجزت الفرق الزائرة عن التأقلم وانسحبت تاركة الأهالي في مواجهة الملاريا، داعية إياهم إلى زيارة مراكزها لتلقي العلاج إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
أما عذر عدم توفر الأيدي العاملة فإنه عذر أقبح من ذنب؛ لأنه لا يعقل ألا تُوفر تلك الأيدي سواء الوطنية عن طريق التدريب ودفع رواتب وبدلات مناسبة ومنها بدل العدوى أو من الدول الآسيوية التي لديها خبرة في مكافحة الملاريا وبعضها استطاع القضاء على هذا المرض أو محاصرته في أضيق الحدود ولم يعتذروا عن ذلك بوعورة الطرق أو صعوبة الاتصال أو عدم توفر الأيدي العاملة مع أن الظروف المناخية والبيئة الحاضنة للملاريا في تلك الدول أكثر مناسبة لنمو المرض ومع ذلك لم يستسلموا وعملوا ما في وسعهم على مكافحة الملاريا فلماذا تستسلم له الجهات الصحية في بلادنا؟!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/06/24