الأردن ما بعد عملية “الرقبان”: تحديات بداية المواجهة المفتوحة
د. عامر السبايلة ..
مع الاعتداء الإرهابي على النقطة الأمنية العسكرية الأردنية في معبر “الرقبان”على الحدود الأردنية السورية، يكون الأردن قد دخل بصور مباشرة في دائرة المواجهة المفتوحة مع التنظيمات الإرهابية. لهذا قد يكون من الطبيعي أن تأخذ المواجهة القادمة بعداً أكبر نظراً للتداعيات الطبيعية لعمليات اجتثاث التنظيم الرئيسي في المنطقة “داعش” من سوريا و العراق، الأمر الذي قد يدفع التنظيم و حلفاءه نحو السعي المباشر لأحداث خرق في مناطق حدودية جديدة يتم عبرها توسيع رقعة المواجهة من جهة, و من جهة أخرى تشكل ملجأً للهروب من الضربات المباشرة في مناطق التنظيم الرئيسية.
من زاوية أخرى، تسعى التنظيمات الإرهابية إلى انتهاج إستراتيجية الضربات المفاجئة في مناطق متعددة و جديدة و هو أمر يتوقع أن يتزامن مع اشتداد الضربات على التنظيم في الرقة و الموصل و اقتراب انحسار تواجد داعش في هذه المناطق. الهدف من هذه العمليات قد يكون أيضاً تشتيت انتباه التحالف الدولي عن ترتيبات أخرى يقوم بها التنظيم للانتقال إلى “الخطة ب” و التي تتضمن الانتقال إلى أماكن جديدة تواكبها عملية استخدام لعاملي “الصدمة و الرعب” في أماكن متعددة و متباعدة.
بالعودة إلى الأردن، إن الهجوم المباشر الذي تعرض له إفراد المؤسسة الأمنية و العسكرية الأردنية يعني باختصار أن الأردن أصبح في مرمى المواجهة المباشرة و التي لا بد من التكييف معها أردنيا عبر أحداث تغيير جذري في شكل التعاطي مع الأزمة السورية و العراقية سياسياً و أمنياً، على الصعيدين الدولي و الإقليمي.
إعلان الحرب المفتوحة يعني أن الأمور لم و لن تقتصر على فكرة الاستهداف الحدودي بل قد تنتقل أيضاً إلى تبنى تكتيكات استهداف الحياة المدنية و تفاصيلها، خصوصاً أن العمليات التي استهدفت الأردن إلى اليوم هي عمليات استهدفت في جوهرها أماكن و أفراد المؤسسة الأمنية و العسكرية.
المرحلة القادمة في المواجهة هي مرحلة لا يمكن الركون بها إلى عوامل تفتقد لرؤية الإستراتيجية الواضحة و التخطيط العلمي السليم. فالتحديات القادمة بحاجة إلى مهنية عالية و استيعاب شكل الأخطار القادمة و التحولات في شكل العمل الإرهابي و طبيعته، مما يتطلب حالة عالية من الالتزام و جدية كبيرة في التعاطي مع عملية حفظ الأمن “سيطرة، متابعة، تدخل سريع″. تتزامن هذه العملية مع ضرورة تقديم خطاب إعلامي ذكي يستطيع أن يجعل من نفسه مصدراً أساسياً للمعلومة و يتمتع بمصداقية تؤهله أن يكون قناة الخطاب الوحيد و الرسمي للمجتمع، و يستطيع أن يقوم بعملية تعبئة معنوية حقيقية بعيداً عن الغوغائية و التخبط الذي عادةً ما تكون نتائجه عكسية و يكون سبباً أساسياً للنفور و مثالاً لغياب المهنية و المصداقية و الاستخفاف بالعقول.
باختصار بعيداً عن تفاصيل عملية”الرقبان” الإرهابية التي تبدو حيثياتها أكثر تعقيداً من أي محاولة سابقة استطاعت الأجهزة الأمنية أبطالها و التعامل معها حتى دون إعلان، لكنها تمثل للأسف نموذجاً للخرق الأمني الذي لابد أن يتم معالجته و معالجة أي احتمالية لهجمات أخرى وهذا ممكن أن يتم أيضاً عبر تطبيق سيناريوهات افتراضية مبنية على دراسات لشكل التحول الإرهابي و العقليات الجديدة التي تتسيد التنظيمات الإرهابية الرئيسية و تفريخاتها المتعددة.
كاتب أردني
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2016/06/25