آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد المسعودي
عن الكاتب :
كاتب في صحيفة الرياض

لماذا لا نغير نظام التسجيل في المدارس؟

 

محمد المسعودي ..

مع بدء العد التنازلي من كل عام دراسي، تبدأ الأسئلة الموسمية تتصاعد كالبخار الساخن من فوهة صيف كل عام.. هل سيبدو طفلي سعيداً في مدرسته الجديدة التي سجلناه بها؟ وهل بيئتها التربوية مناسبة ومناخها التعليمي صحي؟ وهل إدارة المدرسة تواكب القيادة التربوية الحديثة؟ ثم تكتمل قائمة الاختيار بسمعة المعلمين ومخرجات المدرسة بالإضافة لبرامجها وإمكاناتها وأنشطتها الخاصة، ثم موقعها وقربها من السكن..

 

في «مدارسنا» اليوم نجد من الطبيعي أن النسبة الأكبر تعتمد على جغرافية السكن في تسجيل الطلاب متجهةً لأبناء الحي الذي تكون فيه المدرسة، بينما تقابلها نسبة أخرى للطلاب الذين يسكنون خارج الحي، ويخضع التسجيل لهم لاستثناءات خاصة قد تكون «مُخالِفَة» لتسيطر عليها العلاقات الشخصية، أو من خلال تقديم المساعدات للمدرسة والتبرع لها، أو بناء على أوامر وخطابات من مسؤولي إدارات التعليم، والبقية يتجهون بأبنائهم للمدارس الخاصة اختياراً وتخضع هي الأخرى لقائمة من الخيارات ومسبباتها!.

 

ومن هذا المنعطف وما سبقه، تبقى مسألة الاهتمام بالطفل حتميّة نوعية نحو مستقبله عامةً؛ فعندما يُسأل الوالدان ماذا تتمنيان لطفلكما؟ ستكون الإجابة المشتركة تقريباً أن يعيش حياةً كريمة، وأن ننجح في بناء مستقبله وأن يتفوق في دراسته، وفي جميع مجالات الحياة.

 

والحقيقة البحتة التي يجب أن نعلمها أن الطفل لايولد ومعه كتيب إرشادات لجعله طفلاً ناجحاً وليصبح إنساناً كاملاً؛ لذلك نجد أن جميع الآباء يبذلون قصارى جهدهم نحو تربية أفضل، ويتمنون لأبنائهم أن يتلقوا أفضل تعليم، وعادة ما تكون مسألة اختيار المدرسة هي أهم القرارات التي يتخذها الآباء وتعتبر منعطفاً مهماً في حياة كل طفل ليست التعليمية فحسب بل تتجاوزها لبناء الشخصية والنمو الحياتي الشامل، فالبعض يبدأون في الأسئلة والبحث عن المدرسة الأنسب بل الأفضل حتى قبل ميلاد طفلهم، والبعض يتجاوز ذلك بالانتقال لحي ومنزل جديد يجدون فيه مدرسة متميزة يسجلون فيها أطفالهم، وهو ما يراه المختصون في مجالات التربية، أحد أهم القرارات التي يجب على الآباء والأمهات الإعداد الجيد لها على أن تكون مدرسة «المستقبل» للطفل هي الاختبار الحقيقي لولي الأمر في تحديد «بوصلة» الاتجاه التربوي لطفله وما يترتب مستقبلا على هذا القرار، ففي بعض الدول المتقدمة مثلاً يتم البحث أولاً عن المناخ التعليمي والاجتماعي والعاطفي للابن؛ لأن المدرسة الجيدة ليست فقط من يتفوق بها الطفل دراسياً بل هي التي تهتم أيضاً بجوانب تعليمه الاجتماعي والعاطفي والتواصل الإيجابي مع الآخرين والحياة!..

 

وفي مدارسنا اليوم، تأتي مسألة حجم الفصل ونسبة استيعاب الطلاب فيه، من أبرز الأمور التي يجب الوقوف عندها فكلما قل عدد الطلاب في الفصل كان تطبيق المنهج أكثر سهولة لاستيعاب ومشاركة الطلاب ولشرح واهتمام المعلم القدير، وكذلك التعرف على إمكانات المدرسة التعليمية وبيئتها وتجهيزاتها التقنية والمدرسية، وكذلك مشاركة الآباء والترحيب بوجودهم في الإشراف والمشاركة والتطوع.. وأخيراً المصروفات المدرسية إن وقع الاختيار على مدرسة خاصة.

 

وفي الاختصار ما قبل الأخير، ما رأيكم أن نعيد النظر في كيفية تسجيل أبنائنا وفي نظام التسجيل المدرسي؟ خاصةً مع وجود فروقات ومخرجات تربوية وتعليمية تختلف بين مدارسنا اليوم، ولماذا لا يختار الأب لطفله ما يتناسب مع اتجاهاته واستعداداته في اختيار المدرسة الحكومية المناسبة وفي أي مكان تقع لكي يضمن اختيارا مناسباً؟

 

ومنه وعلى مسؤولية اقتراحي، سينبثق منه دور مهم وجديد على إدارات التعليم في إذكاء صناعة جو تنافسي بين المدارس في استقطاب طلاب كل مدينة، وحقيقة أخرى لن تكون هناك عشوائية في التسجيل بقدر ما ستنتج عن إشعال روح التنافس بين الإدارات والمدارس ومحاسبة عزوف الطلاب عن التسجيل في بعض المدارس.

 

ويبقى لنا من المقال أعلاه سؤال، هل نجعل أطفالنا يعيشون تحت رحمة جغرافية السكن ومدرسة الحي فقط؟ والتي لو قدر أن تكون بيئتها ومناهجها غير مناسبة تربوياً وتعليمياً، أو تدار بقيادة غير واعية، أو بحظٍ غير وافرٍ من المعلمين المنتجين المتميزين.. لحكمنا وشاركنا في الأخذ بيد «طفلنا» نحو الفشل التربوي المرير في بلادنا!.

 

لصالح صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد