آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد المسعودي
عن الكاتب :
كاتب في صحيفة الرياض

فلنقنعهم بمن دخل المدرسة فهو آمن!


محمد المسعودي ..

الممارسات والعادات الخاطئة التي تعود عليها بعض من طلابنا في العطلة الصيفية من الإفراط في الترفيه والراحة حتى الخمول وعدم الرغبة في القيام بأي جهد بدني أو ذهني، مع المكوث تسمّراً أمام ألعاب الآيباد، والسهر على برامج التلفزيون، وبرامج التواصل الاجتماعي دون رقيب أو ترتيب، جميعها تنمو وتتشعب حتى تحكمت سيطرتها على المكونات النفسية للطالب؛ ما سيجعل العودة إلى المدرسة بل حتى مجرد التفكير فيها ليس سوى كابوس وحلم مفزع بعوامل مؤثرة ألقت بظلالها على طلابنا بردة فعل بما يشبه أعراض الأمراض النفسية كالانعزال والانطواء على النفس والاكتئاب والملل والحزن وغيرها!.

ونستطيع بإيجاز أن نلخص تلك الحالة النفسية، وبحسب دراسات مختلفة فإن حدوثها يرتبط بشكل مباشر في نمط الحياة اليومية والروتين، وبالتغيرات الجذرية الجسدية المترتبة على الإجازة كزيادة الوزن واضطراب النوم والأرق وأخرى تحفها المتغيرات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين ما يجعل التفكير بالمدرسة في النهاية أمراً ثقيلاً على النفس!.

ومنه تماهياً، يتطلب من أولياء الأمور ألا يتساهلوا بتأثير هذه النقلة المفاجئة وتأثيرها على نفسية الطالب؛ فمع اقتراب أول يوم دراسي من المهم أن يتخذوا خطوات عملية تربوية بتهيئة "ابنهم" لهذا اليوم، وأن يعدوا له إعداداً يرتكز على ذهنيته ونفسيته ووسطه الاجتماعي، ففي الواقع أن العودة إلى المدرسة لدى الكثير تعني العودة إلى قوانين وقواعد وأنظمة صارمة تختلف تماما عن الفترة التي قضاها الطفل أو المراهق في "الصيف" خلال وجوده بالبيت، وهنا يأتي دور الوالدين في وضع مقدمة للمرحلة القادمة والحديث إلى الأبناء بلغة سهلة وواضحة لا تخلو من اختيار الكلمات التشجيعية والتحفيزية عن اقتراب المدرسة، كما أن التربويين والمختصين في علم النفس ومستشاري الأسرة والمهتمين في هذا الشأن قدموا باقة من النصائح المهمة لمساعدة أولياء الأمور في إعداد الطفل والمراهق لاستقبال الدراسة والمدرسة تذكيراً وأهميةً كفضل العلم على الإنسان وبنائه للأوطان، ونقطة دارجة أن المدرسة ليست سجناً كما يصورها الكثير لأبنائهم وبلغة قاسية وفجائية فجة معاً وأنها مكان للضيق والحرمان، وهذا "التصور" أسفاً يعاني منه كثير من أبنائنا بما يعكسه آباؤهم عن هذه "البيئة" ما يجعلهم يشعرون بأنهم مقبلون على دخول سجن تحت مظلة مدرسة!.

وامتداداً لأعلاه، وكذلك من الأدوات المهمة انتزاع خوف الأبناء من المدرسة بتعريفهم بطريقة مختلفة على هذا المكان وبيئته والجو الآمن المطمئن الذي سيجده فيها ومع منسوبيها، ويأتي نقلهم من الواقع الافتراضي الذين يعيشونه وقتاً هائلاً مع وسائل التواصل الاجتماعي والغرق في أجهزتها إلى التواصل الحقيقي بتدريبهم على الاختلاط بعدد ممن هم في مرحلتهم العمرية وإقامة علاقات اجتماعية تكسبهم على الأقل مهارات من شأنها تنشئة علاقات مع الآخرين ناجحة، يحاكيها أهميةً كذلك الاهتمام بالساعة البيولوجية، المسؤولة عن استشعار التغيرات البيئية المحيطة بالجسم، للتنظيم بين الصحو والنوم، والغذاء بين الجوع والشهية، والسلوك كذلك!.

وعوداً على بدء، قد يكون تدريب الأبناء على جدول ثابت يومي قبل الدراسة حتى لو بيومين أو ثلاثة يساعدهم على تنظيم عامهم الدراسي، فالوضع قد اختلف والوقت لم يعد ملكهم كاملا ولإجازاتهم؛ فالمدرسة أصبحت النصيب الأوفر وقتاً ومستقبلاً بفصولها وساحاتها ومرافقها بل ويمتد حتى واجباتها المدرسية ونشاطاتها المختلفة..

المدرسة باختصار يا سادة ليست سجناً، وعلينا أن نقتنع أو نقنع، وعلى الوزارة ومنسوبي المؤسسة التربوية واجب إقناعنا وابنائنا ووطننا بأن من دخل "المدرسة" فهو آمن!.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد