الخطأ الأميركي في استراتيجية الدفاع والتلويح بالقوة تجاه إيران
وفيق السامرائي
المعلومات عن الخطأ الأميركي ضرورية دائماً لكنها ليست حاسمة في المسائل الاستراتجية، فالقدرة الاستخباراتية في التحليل أكثر أهمية من المعلومات في حالات كثيرة، وعندما تشح المعلومات تتجسد كفاءة الاستخبارات بقدرتها على التحليل والخروج باستنتاجات تعتبر حقائق مستجدة.
وفقاً لمواقع ووكالات على هامش اجتماع بروكسيل بحديث مسؤول وواقعي ودقيق ويخدم الأمن الدولي وزير خارجية بريطانيا أعرب عن القلق من خطورة نزاع غير مقصود بين أميركا وإيران، ولايزال الموقف البريطاني والألماني والفرنسي متمسكاً بأهمية الاتفاق النووي مع إيران الذي انسحبت منه أميركا.
المعلوامت عن الخطأ الأميركي ضرورية دائماً لكنها ليست حاسمة في المسائل الاستراتجية، فالقدرة الاستخباراتية في التحليل أكثر أهمية من المعلومات في حالات كثيرة، وعندما تشح المعلومات تتجسد كفاءة الاستخبارات بقدرتها على التحليل والخروج باستنتاجات تعتبر حقائق مستجدة.
انشغل العالم كله وأُستُنفِرت منطقة الشرق الأوسط والخليج بالحشد الجوي والبحري الأميركي في منطقة الخليج، إلا أن الأميركيين ارتكبوا خطأ شنيعا بقرار دفعهم القوات إلى الخليج وجواره ضمن مناطق صواريخ وتأثير القوات الإيرانية، (وبما) أن الأميركيين يحرصون على سلامة معداتهم وجنودهم في الحرب، (وبما) أنهم يدركون أن الإيرانيين يمتلكون كما كبيرا من الصواريخ والزوارق السريعة وألغاما بحرية، (وبما) أن الخليج بحيرة محكومة بعنق زجاجة (مضيق هرمز)، (وبما) أن الحرب الواسعة إذا ما وقعت ستكون مصيرية وحاسمة وقصة حياة وموت، أدرك الإيرانيون أن دخول القوات الأميركية ضمن مدى معظم أسلحتهم ووسائلهم جاء نتيجة عدم جدية الأميركيين بالحرب، وهو ما انعكس في تصريحات القادة الإيرانيين بإدراكهم للغاية، حيث اتضح لهم أن غاية الحشد الأميركي التلويح ضمن خطط الحرب النفسية، ولوجودٍ يراد به المال وغيره من المكاسب ومنها الانتخابات...
واحدة من مشكلات القيادات الأميركية أنها تظن بنفسها الأكثر كفاءة، وعلى الرغم من أن الكومبيوترات والمعلومات الرقمية شكلت محطة كبرى في تاريخ البشرية إلا أن العقل البشري الذي صنعها يبقى حاكما.
ومن مشكلات الأميركيين/القيادات/ عدم التوقف عند تجارب ونفسية وإرادة المقابل.
الإيرانيون، وبحكم تجارب حرب السنوات الثماني، يمتلكون إرادة غير عادية بدءً من المقاتل البسيط إلى القيادة العليا بعد سقوط الشاه، (وهذا ليس مدحا لهم ولا دعاية)، بل تسطير للحقيقة تجنبا للانزلاقات في الأمن الدولي، وكل من عاش مرارات الحرب يدركها.
في المقال السابق ركزنا بوضوح على الطرف الثالث الذي قد يهاجم أهدافا ومصالح أميركية لدفع الأميركيين إلى الرد العسكري الفوري بمهاجمة أهداف إيرانية، دون تحقق لمعرفة الفاعل الذي قد يكون طرفاً ثالثاً مُغرِضاً، وبعد ساعات من كتابة المقال منتصف الليل ونشره صباحاً أعلنت الامارات عن تعرض أربع سفن/ ناقلات نفط لتفجيرات شديدة، بعملية معقدة؛ لأنها شملت أربعة أهداف معاً بعمل سري وليس هجوما مسلحا، وفي منطقة حساسة، وقد لايُكتشف فاعلها.
في حرب عاصفة الصحراء، كانت الصواريخ العراقية قليلة العدد ومتخلفة، بينما تمتلك إيران حاليا أضعافها وأكثر دقة، ورغم آلاف الغارات لم يُصَب قائد سياسي وعسكري عراقي واحد، ولم تُصَب قاعدة صواريخ واحدة ولا مخزن واحد من ترسانة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية، التي كانت ضخمة آنذاك، والموقع الجغرافي الإيراني أكثر تأثيرا استراتيجيا في الحرب.
ويخطئ من يعتقد أن ضربة أميركية خاطفة ستهز النظام، ويخطئ أيضا من يظن أن حربا واسعة لن تكون تداعياتها خطيرة على الأمن الدولي، ولن تنجوا الدول الإقليمية من تبعات صراع واسع قد يندلع بالصدفة أو غيرها، إذا ما اندلع، ما يهدد بانتشار نووي.
لصالح موقع الميادين نت
أضيف بتاريخ :2019/05/15