العقوبات البديلة.. إلى أين؟
محمد الطميحي ..
في إحدى ليالي دبي الماطرة شق سكون الليل صوت محرك صاخب أقلق راحة العائلات في أحد أبرز مراكز الجذب السياحي في المدينة.
شاب في السابعة عشرة من عمره وبتشجيع من رفقاء السوء انجرف للاستعراض والتفحيط بسيارته الرباعية غير آبه بسلامة عشرات الأطفال والمتسوقين في المكان.
وبسرعة انتشار الفيديو الذي وثق الحادثة أعلنت شرطة دبي اعتقال المراهق المتهور، وتوجيه ثلاث تهم جنائية له تنوعت ما بين تعريض حياة الآخرين للخطر، والصدم والهرب، وإتلاف الممتلكات العامة.
بالإضافة للتعويضات والغرامات المالية العالية كان من المتوقع أن يتعرض السائق اليافع للسجن ما سينعكس بشكل سلبي على بقية حياته وهو يقف على أعتاب توديع المرحلة الثانوية، ليستبدل الفصول الدراسية بالزنازين التي قد تصنع شخصية أكثر ميلاً للانحراف والإجرام.
لعل ذلك الهاجس هو ما دفع بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد إلى التوجيه بفرض عقوبة بديلة على السائق ومرافقيه تتناسب مع طبيعة الحماقة المرتكبة التي تتمثل في حب الاستعراض والظهور والتمرد على القوانين.
لأربع ساعات يومياً ولمدة شهر كامل سيقوم هؤلاء الفتية بالتجول في شوارع دبي ليس للاستعراض فيها بل لتنظيفها هذه المرة في علاج أخلاقي سيداوي تلك العلل التي يعاني منها معظم شبابنا في هذا الجيل.
لدينا في المملكة تجارب سابقة وإن كانت خاضعة لاجتهاد عدد محدود من القضاة بانتظار إقرار مشروع نظام الأحكام البديلة المعطل منذ سنوات.
طبعاً.. نحن نتحدث هنا عن الحق العام بعيداً عن الغرامات المادية والحق الخاص، خصوصاً عندما تتعلق المسألة بالمرة الأولى للمذنب مهما كان سنه ومكانته الاجتماعية.
أيهما أكثر تأثيرا سجن متهور لأشهر وجلده، أم تمضية عدة ساعات لرعاية مصابي الحوادث المروية، خصوصاً أولئك المنومين لسنوات؟
في الأخير.. لا بد من التأكيد على أن التأهيل أهم من العقوبة، وأنه إذا قمنا بحبس كل شخص دون وجود بديل يحقق هذه المعادلة لاحتجنا لبناء آلاف السجون وجعلنا منها دون قصد مكاناً لتفريخ المزيد من المجرمين.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/02/26