تعويض المساهمين المتضررين في السوق السعودية
د. أسامة بن سعيد القحطاني ..
صدر قرار لجنة الاستئناف في الأوراق المالية بإدانة رئيس ومجلس إدارة شركة المعجل المطروحة في السوق السعودية وتحميل الرئيس دفع 1.62 مليار ريال في حساب الهيئة، وبغض النظر عن رأيي في الحكم ومدى ملاءمته، إلا أنني سأتحدث عن نقطة محددة، وهي أين يجب أن يذهب التعويض؟
الحقيقة أن الهيئة مارست دورها النظامي بالادعاء لأجل التعويض عن ضرر المساهمين، وذلك من خلال المادة الـ59 من نظام السوق المالية، التي تخولها لتقيم دعوى التعويض نيابة عن الأشخاص الذين لحقت بهم أضرار نتيجة ارتكاب مخالفة لأنظمة السوق، حيث جاء في نص المادة الـ 59 (أ): "إذا تبين للهيئة أن أي شخص قد اشترك، أو يشترك، أو شرع في أعمال أو ممارسات تشكل مخالفة لأي من أحكام هذا النظام، أو اللوائح أو القواعد التي تصدرها الهيئة، أو لوائح السوق، فإنه يحق للهيئة في هذه الحالات إقامة دعوى ضده أمام اللجنة لاستصدار قرار بالعقوبة المناسبة، وتشمل ما يأتي: "ثم ذكرت في الفقرة 4" تعويض الأشخاص الذين لحقت بهم أضرار نتيجة للمخالفة المرتكبة"، ومن هنا، فإن الهيئة مخولة نظاما لتقوم برفع دعوى التعويض لأشخاص آخرين ولو من دون تفويض منهم.
ولكن الإشكال هنا هو حصول التعويض للمتضررين فعلا، هل يمكن تحقيقه؟
الحقيقة أنه نظريا فقط يمكن ذلك، حيث إن النظام قد أجاز للمتضرر أن يرفع دعوى تعويض، إلا أنه من الصعب جدا وضع آلية دقيقة لتعويض المتضررين وتقدير القدر الذي يدفع للمتضرر، فهناك من اشترى السهم للحظات وتضرر، ومنهم من استمر معه السهم لأيام، وآخرون لا يزالون يمتلكون السهم، والسؤال الآن؛ كم سيكون تقدير التعويض من المبلغ المحكوم به؟ الجواب أنه لم يتم حتى اليوم أي تعويض بهذا الشكل ـــ حسب علمي ـــ، حيث إنه من المستحيل تقدير الضرر بدقة وكذلك حصر المتضررين، ومن ثم تقدير ضرر كل واحد منهم، وفي النهاية وهي المرحلة الأصعب أيضا؛ وضع الآلية التي من خلالها يتم توزيع المبلغ المحكوم به!
كما أن إثبات المتضرر لضرره من المخالف تحد آخر، حيث وضعت المادة الـ56 من نظام هيئة السوق المالية شروطا لإثبات الضرر من الصعب أن يقدر الأفراد على إثباتها.
الخلاصة؛ أن المتضررين في الحقيقة لا يتم تعويضهم، على الرغم من استحقاقهم للتعويض، ومن نص النظام باستحقاقهم، إلا أن الآلية الحالية لا تساعد على ذلك، حيث إن مبلغ التعويض في الأحكام القضائية التي تصادر الأرباح المحققة من المخالفات تذهب إلى حسابات الدولة وليس المتضررين.
لأجل هذا وذلك؛ فإنني أرى ضرورة مراجعة آلية التعويض، وضرورة تعديل النظام بما يمكن أن يسهم في تخفيف الضرر على المتضررين، ومن تلك الأفكار التي أقترح على المختصين بحثها؛ هو أن يذهب التعويض إلى الشركة نفسها، مع حرمان المخالف الاستفادة من تلك المبالغ، وبهذا فإن التعويض وإن كان لن يصل إلى بعض المتضررين؛ إلا أنه على الأقل يصل للكيان القانوني الذي وقع عليه الضرر أساسا وهو الشركة.
جريدة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/03/15