رواتب المرحوم!
ناصر الجديع ..
يقول الخبر: وجه رئيس نادي النصر بصرف باقي المستحقات المالية لسائق الفئات السنية والألعاب المختلفة الأستاذ حسين إبراهيم "سوداني الجنسية" الذي انتقل إلى رحمة الله الثلاثاء الماضي إثر حادث مروري وهو في طريقه إلى مكة المكرمة لأداء العمرة مع زوجته وأحد أبنائه.
ما لم يذكره الخبر هو أن السوداني حسين كان قبل مغادرته إلى مكة، قد ناشد الإدارة النصراوية بتعجيل صرف مرتباته المتأخرة لأكثر من 30 شهراً، ليتمكن من علاج ابنه الذي أصيب قبل فترة بفشل كلوي، إلا أن مناشدة حسين بمبالغه المتأخرة التي لا تتجاوز 50 ألف ريال، قوبلت برفض مؤدب، بعد أن طُلب منه رفع خطاب رسمي للإدارة بهذا الشأن، وكان على حسين الذي خدم النصر أكثر من 20 سنة أن يعرف أنَّ هذا الرد الآلي هو المرادف الآخر لكلمة لا!.
توفي حسين -يرحمه الله- وهو يبحث عن حقوقه المتأخرة التي قد لا تصل لـ10% من راتب شهرٍ واحدٍ للاعبٍ محترف، بل قد لا تصل لمكافأة فوز تمنح للاعب واحد في مباراة مهمة، لكن الفارق هو أنَّ حسين ومن يمثلهم من صغار العاملين خلف الكواليس في أنديتنا ليس لهم من يلتفت لحقوقهم ويطالب بمسيراتهم قبل كل فترة تسجيل، وليس لهم لجنة احتراف تنتصر لهم، ولا غرفة فض منازعات تنتفض لهم وتنتزع حقوقهم، ولا لجان فيفا تضرب على المماطلين في تأدية حقوقهم بيدٍ من حديد!.
رئيس نادي النصر وجه بعد الحادث الأليم بسرعة سداد مستحقات العامل المسكين، ومتابعة الحالة الصحية لأبنائه، مع استمرار صرف راتبه الشهري بعد وفاته، وهي مبادرة جميلة، كان الأجمل منها صرف مستحقات الرجل بانتظام في حياته، أو على الأقل الالتفات بشيء من الوفاء لمناشدته وصرف شيء من مستحقاته حين طالب بها تقديرًا لخدمته الطويلة، ولظرف ابنه الطارئ، وأتساءل: هل سيكون صرف راتبه بعد وفاته منتظمًا، أم سيتأخر الصرف 30 شهرًا كما كان الأمر في حياته!.
هذه المأساة لا تتعلق بالسوداني حسين ونادي النصر، ولا تقتصر عليهما، بل هي مأساة إنسانية تتكرر مع الكثيرين، وفي الكثير من أنديتنا، وسبق أن كتبت قبل ثلاث سنوات مقالًا بعنوان: "مساكين خلف الكواليس!"، عن تأخر رواتب صغار العاملين في نادي الهلال، وما يحدث لأولئك المساكين جراء ذلك التأخير، وإن كان الأمر قد تحسن في الهلال مؤخرًا، إلا أن تأخر رواتب العاملين الصغار في أنديتنا لا يزال أمرًا متكررًا تواصل هيئة الرياضة تجاهله، وترفض وضع حدٍ له، والأكيد أن في أنديتنا أكثر من حسين إبراهيم، لكنهم مثله، مساكين خلف الكواليس، وربما كان الحل الأسرع ليلتفت لهم الإعلام، وليتم تعجيل صرف مستحقاتهم، هو أن يرحلوا عن الحياة بحادثٍ مروع.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/04/07