المادة 77 جرحا!
فهد المرسال
قضيت ليلتي البارحة ساهرا متسائلا متسولا أمام قصور الحقيقة، أنفض بفزع عن روحي غبار وحشية هذا العالم اللاهث خلف نهايته، أبحث عن رغيف إجابة تشبع نهم قطعان أسئلتي الثائرة الجائعة، أفكر بحزن كيف لي أن أبتكر اختراعا روحيا «يؤنسن» بعض العقول المتحجرة لتدب الإنسانية في عروقها! ليشعر الآخر الأقوى بذلك الآخر الأضعف حسب تصنيف «البقاء للأقوى» الجائر!
في الحياة العملية الأضعف قدر له أن يكون تحت رحمة الأقوى الذي يرى الحياة من منظور أعلى نافذة في برجه العاجي خليطا من جداول وأنهار وقصور تحجب سناء الشمس عن حارات البسطاء، هو لم يتذوق «صفعات» الأيام المفاجئة ولم يسامر أحزانه وحيدا في الليالي الحالكة حائرا في تأمين حليب لأطفاله غدا، لم يتعثر في سداد أقساط سيارة ليخرج صباحا ليجدها في حرم البنك!، قالها بانكسار مؤسف وهو يطفئ سيجارته «العالم يتهاوى» من تحت أقدامي ولا حيلة أمامي أو ورائي، ألا يعلم رئيس الشركة ما يعنيه أن تذهب لمقر عملك باكرا وتفاجأ بقرار فصلك جاهزا بانتظار استلامك له بحجة ظروف اقتصادية راهنة، يصمت وبغصة ساخرة باكية يقول أقسم أنه لم ير ضحكة طفلتي ريما وهي تودعني صباحا قبل ذهابي للعمل!
وإلا لما استطاع توقيع نهاية أبيها بيديه! يضحك بهستيرية مبررة جدا أتعلم؟ سأسلم شقتي وآخذ زوجتي لأهلها كإجازة طويلة، حتى أؤمن نفسي من جديد!، وإن رماني المحيطون بوابل من الاستهجان لترك زوجتي برعاية أسرتها، قلت أهدوني كلماتكم لأصرفها من أقرب «صراف» نقودا يا أصحاب مسطرة المثالية!
وبتساؤل مرير وهو يدير الولاعة بين أصابعه يقول ترى هل يعلم مسؤولو وزارة العمل عن حجم المأساة بقطع رزق موظف بلا مقدمات؟ أم إنهم يعيشون في عوالم لا تتحدث بلغة «الكادحين» البسطاء الذين سقف آمالهم راتب منتظم وأسرة وصراعات نبيلة مع الدائنين!
أربت على كتفه واللهب يتصارع في أعماقي لحال ضحايا المادة 77 الظالمة المنتصرة لأصحاب الأموال على حساب من يديرون عجلة الأموال الحقيقيين! غادر صديقي المنكوب والكون بعيني صوت نأي يأتي من سماءات من شردت أحلامهم.. حقيقة لا أعرف هل أطالب بإعادة النظر بالمادة 77 أم أطالب بأن يعطى المسؤولون دورات في كيفية أن يشعروا بالآخر قبل اتخاذ القرارات، ليستشعروا حجم المأساة والآلام التي ستترتب على قرارات لم تدرس جيدا!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/04/23