خروج أمريكا من اتفاقية باريس
محمد السماعيل
العلماء اعترفوا بأن الأرض قد زادت حرارتها ما يقارب (0.5) درجة مئوية عنها منذ 100 سنة، وهناك تقارير علمية تقول: إن المحيطات ترتفع بسرعة تقارب الثلاث مرات أكثر من السرعة التي كانت عليها خلال القرن العشرين، وفي عام 2015م اتفقت جميع دول العالم تقريباً (195) دولة على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وسمي اتفاقها بـ(اتفاق باريس المناخي)، وتتلخص فكرته بأن على كل البلدان الموقعة عليه أن تضع أهدافا للحد من انبعاثات الكربون والحد من التلوث لتجنب آثار التغير المناخي، ولأن الاتفاقية (غير ملزمة) فقد قررت الولايات المتحدة مؤخراً الخروج منها، أو لنقل إنها تنوي القيام بمفاوضات أخرى لإعادة الدخول في هذه الاتفاقية بناء على شروط تحددها هي، وفي كل الأحوال فالانسحاب الأمريكي ليس فورياً، بل قد يستغرق حوالي أربع سنوات لاستكماله، وهذا يعني أن القرار النهائي سيكون بموافقة الناخب الأمريكي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والسبب الذي جعل الأمريكان يقررون الخروج من هذه الاتفاقية بحسب الرئيس الأمريكي (ترامب) أن الاتفاق الباريسي سيؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي وسيكلف الولايات المتحدة 2.7 مليون وظيفة عام 2025م، بينما وصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قرار خروج الولايات المتحدة عن الاتفاقية بقوله: (أعتقد أن السيد ترامب ارتكب خطأ)، كما قال رئيس الوزراء البلجيكي تشارلز ميشيل عن القرار الأمريكي بأنه (عمل وحشي).
سبق أن أصدرت منظمة دولية تهتم بالمتغيرات المناخية - هي (آي. بي. سي. سي) وهي تتبع هيئة الأمم المتحدة - تقريراً أعد بواسطة أكثر من 1500 خبير من 60 دولة، وهو يحذر العالم بشدة، ويقول: إنه إذا لم تتخذ دول العالم خطوات عملية عاجلة وحاسمة لخفض الغازات المنطلقة في الهواء، فإن آثارها من الممكن أن تقود درجة الحرارة في الجو عالياً إلى 4 درجات مئوية في عام 2100م، وأن هذا الارتفاع مماثل للحرارة التي أنهت العصر الجليدي الأخير، ونتيجة لذلك فإنه من المحتمل لأي قطعة من الأرض بكثافتها السكانية العالية، أن تغمر بالمياه، نتيجة لارتفاع منسوب البحر، بسبب ارتفاع الحرارة، وتشير دراسات علمية أخرى إلى أنه إذا استمرت انبعاثات الكربون في العالم دون رقابة دولية فإن درجات الحرارة لا بد أن تستمر في الارتفاع في الغلاف الجوي، وستزداد الاضطرابات المناخية وسيزداد الجفاف وسيعاني العالم من نقص الغذاء، ويؤيد ذلك (موجات الجفاف) التي اجتاحت بعض المناطق، فالغابات التي كانت تغطي 44% من مساحة إثيوبيا، أصبحت اليوم لا تزيد على 4% فقط، كما يؤيد ذلك تقارير الأمم المتحدة التي تفيد بأن هناك (700) مليون شخص في البلدان الفقيرة يعيشون تحت مستوى التغذية العالمية، وأن هناك ما يقارب (10) ملايين طفل يموتون سنويًا بسبب سوء التغذية والفقر وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد سكان العالم قد يصل عام (2020م) إلى (8) مليارات نسمة، وأتساءل هنا: هل خروج الأمريكان من اتفاقية باريس سيؤثر على غذاء هذه الملايين من البشر مستقبلاً؟، وهل كرتنا الأرضية بعيدة عن الاهتمام الأمريكي؟!
جريدة اليوم
أضيف بتاريخ :2017/06/14