آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
ألاء السعودي
عن الكاتب :
صحيفة رأي اليوم

استقلال إقليم كردستان.. جبال من الأزمات.. والتأجيل وارد جدا


ألاء السعودي

أوقات متأزمة يمر بها الشارع الكردستاني والعراقي على حد سواء والتي ستحدد مصير احدهما بالاستقلال عن الأخرى، فمنذ أن أعلنت مجموعة أحزاب سياسية عراقية ذات الأصول الكردية اتفاقها وإجماعها على الدعوة لإعلان استفتاء يطالب بانفصال إقليم كردستان عن العراق، والذي سيتم إجراؤه في 25 سبتمبر، والمواقف الدولية وردود فعل الدول الجوار أصبحت تتوالى بإعلان رفضها الشديد لاستقلال الإقليم!! وفي مقدمتها كما نعلم جميعا هي الحكومة العراقية المركزية في بغداد والتي يترأسها حيدر العبادي.

هنالك الكثيرون ممن هم لا يعرفون شيئا عن إقليم كردستان، وأصبح ذلك الاسم يثير الفضول لديهم بعد الضجيج الذي قد تسبب به إعلاميا، حسنا، إقليم كردستان هو إقليم يقع في شمال العراق، حيث يبلغ عدد سكانه قرابة الست ملايين نسمة، إقليم كردستان العراق يتمتع بحكم ذاتي حيث تحده إيران من الشرق وتركيا من جهة الشمال، وسوريا إلى الغرب، ثم بقية مناطق العراق التي تقع إلى الجنوب منه، عاصمته الإقليمية هي محافظة أربيل أو كما يطلق عليها الأكراد “هولير”.

يعيش في الإقليم العديد من العرب والكلدان والآشورييين والتركمان والسريان، سكان الإقليم معظمهم مسلمين وهناك أقليات دينية كالايزيدية والكاكائيين والمسيحيين والشبك، أما عن اللغات الرسمية في الإقليم فهي الكردية والعربية، أما فيما يتعلق بالعملة الرسمية فهي الدينار العراقي، ومن المعروف أن بعد الانتفاضة التي قام بها الشعب العراقي ضد نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 1991، الأمر الذي جعل الكثير من الأكراد يلوذون إلى الفرار والنزوح من البلاد، مما ألزم صفة اللاجئ بهم ليصبحوا لاجئين في المناطق الحدودية مع إيران وتركيا، وفي ذات العام، أنشأت في الشمال منطقة حظر الطيران بعد حرب الخليج الأولى أو الحرب على الكويت مما شكل ملاذًا أمنا يمثل طريقا سهلا للعودة للاجئين الأكراد، الأمر الذي ترتب عليه مغادرة القوات العراقية لإقليم كردستان، وأصبحت المنطقة مستقلة ذاتيًا بحكم الأمر الواقع، وبعد عام 2003 دخل الأكراد بقوة في العملية السياسية التي أعقبت الغزو الأمريكي ليبدأ حلم الاستقلال الفعلي يراودهم منذ ذلك الحين. وقد استطاع الإقليم النجاة وإيجاد مخرج له من حالة الفوضى التي عصفت بالعراق عقب سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حيث تمكنوا نوعا ما من إقامة حكم برلماني واقتصاد لا يخلو من العيوب أو الأزمات. لكن لا تزال المشكلات الرئيسية التي يواجهها الإقليم قائمة وسارية حتى الآن، فهو منطقة مغلقة تحيط بها دول غير متعاطفة مع تطلعات وآمال وطموح الأكراد، ولا يؤيدون منحهم الاستقلال بكل طرقه ووسائله!! كتركيا وإيران ودول أخرى تعيش صراعات مع ذلك ترفض أمر استقلال الإقليم مثل سوريا وباقي العراق، وهناك مناطق متنازع عليها بين حكومة الإقليم وحكومة العراق المركزية من بينها كركوك المحافظة الغنية بالنفط والتي تتمتع باكتفاء ذاتي والتي يقطنها مزيج من القوميات أهمها الأكراد والتركمان والعرب.

في رأيي، من المحتمل أن يكون هنالك عوائق تحول دون تنفيذ عملية الاستفتاء، والتي سيترتب عليها تأجيل الاستفتاء إلى موعد لاحق وربما إلى أجل غير مسمى!! فقد صرح مسؤول بالهيئة العاملة للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني “ملا بختيار” في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز″ على إن أكراد العراق قد يدرسون تأجيل الاستفتاء المقرر عقده 25 سبتمبر مقابل تنازلات مادية وسياسة من الحكومة المركزية في بغداد!! في الوقت ذاته صرح المتحدث باسم الحكومة العراقية “سعد الحديثي” على إن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، خطوة غير قانونية، وتتنافى مع الدستور العراقي، مشيرًا إلى ضرورة إجراء حوار مع أربيل لمناقشة كافة القضايا الخلافية!!

من المؤكد أن الإقليم سيمر بالعديد من المشكلات والأزمات أن تم منحه الاستقلال، لعل في مقدمتها بل وأكثرها صعوبة هي حرب الاقتصاد التي ستحصل، فواقع الموازنة الداخلية للإقليم يعد المحرّك الرئيس للصراع السياسي!! فمع انهيار أسعار النفط، باتت الأحزاب الكردية تتصارع على ما يمكنهم الحصول عليه، وفي الوقت عينه، تعاني حكومة الإقليم من وطأة الضغوط الشعبية إثر إخفاقها خلال السنوات التي كانت فيها إيرادات النفط مرتفعة في تطوير اقتصاد قائم على القطاع الخاص وغير نفطي، والآن مضت أشهر على تخلّف “حكومة إقليم كردستان” عن تسديد رواتب الموظفين الحكوميين لديها ما أدى إلى استياء شعبي كبير. كما تطرح الأزمة المالية التي ستترتب عن الانفصال خطرًا على قطاع النفط والغاز الكرديين، إضافة إلى تأخر حكومة إقليم كردستان أكثر من مرة عن تسديد المدفوعات المستحقة إلى شركات النفط الدولية العاملة في أراضي الإقليم، حيث هدّدت بعض هذه الشركات بتعليق عملياتها أو مغادرة الإقليم بشكل كامل.

المشكلة الأخرى تتمثل بالصراعات الداخلية، فالأكراد في إقليم كردستان ليسوا على قلب رجل واحد!! كما أنه هنالك اثنان من القوى الرئيسية المتنافسة والتي تسيطر على الإقليم، والتي ينافس على أرض المعركة بينهما الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني رئيس الإقليم حاليًا والذي يسيطر على أربيل عاصمة الإقليم. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن لكل من هاتين السلطتين في الإقليم قوة أمنية خاصة بها منفصلة تمامًا عن الأخرى!! والتي تضم الاستخبارات التي تعرف كرديا بـ”الأسايش” وقوة عسكرية تعرف بالـ”البيشمركة”.

الآن سأتحدث عن ما يتعلق بصعوبات الانفصال على المستوى العراقي، والتي يقع بمقدمتها رفض الحكومة العراقية المطلق لاستقلال الإقليم. والمشكلة الأصعب والأكثر تأزما هي التنافس حول الحصول على الامتيازات التابعة لمدينة كركوك، تلك المدينة والتي تعتبر من أكثر مدن العراق ثراءا ومخزونها الهائل من النفط، والتي سيطر عليها الأكراد عسكريًا منذ عام 2014 بعد أن تم قهر الجيش العراقي وانسحابه منها خصوصا بعد سيطرة “تنظيم الدولة” أو داعش على الموصل ومدن أخرى متوسط عام 2014، حيث طالب محافظ كركوك، نجم الدين كريم، بشمول المدينة باستفتاء الاستقلال، وتشكيل لجنة خاصة بالاستفتاء، كركوك التي تعيش وضعًا مترددًا منذ عام 2014 يجمع كثيرًا من الخبراء على أن الحكومة لن تتنازل عن المدينة النفطية مهما كلف الثمن!!!

المخفي أعظم، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فهناك ما يعرف عراقيًا بالمناطق المتنازع عليها في المادة 140 من الدستور العراقي، ومن هذه المناطق ما يقع خارج حدود إقليم كردستان الرسمية، لكن الأكراد يسيطرون عليها، ويقولون: إنها أراضي كردية، فما مصير هذه المناطق في حال الاستقلال؟! بالنسبة للموقف العربي اعتقد أن أقصى ماتستطيع الدول العربية أن تفعله هو إصدار بيان من الجامعة العربية يندد (بتقسيم العراق )!! لكن رغم هذا اعتقد أن عددا من الدول العربية سترحب بشكل سري باستقلال الإقليم…

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/09/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد