الاهتمام بضحايا الإرهاب ضد الإرهاب
عادل بهبهاني
كشفت تقارير عن ارتفاع عدد الشباب الكويتيين والمقيمين في الكويت المشاركين بالعمليات العسكرية والحربية ضمن الجماعات الإرهابية والمحظورة دوليا، خصوصا في سوريا والعراق ودول أخرى، وينسجم مع هذه التقارير أيضا ما كشفته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مؤخرا، عن تلقيها اتصالات من مواطنين ووافدين، يبلّغون عن تعاطف أبنائهم مع الجماعات الإرهابية والفكر المتشدد.
وكلنا يعلم عن الكثير من الأسباب المؤدية إلى تعاطف وانضمام بعض الشباب إلى المنظمات الإرهابية. ولكن ثمة سببا وجيها من هذه الأسباب قد غفل عنه الكثيرون، وأثاره أحد المتخصصين الأميركيين في علم الجريمة، بمناسبة العملية الإرهابية الشنيعة التي حدثت مؤخرا في ولاية كاليفورنيا. فقد لاحظ هذا الخبير في كل مرة تقع جريمة إرهابية، الاهتمام والتركيز الإعلامي والقضائي على الإرهابيين، ومن يدعمهم ويقودهم على حساب ضحاياهم من المجني عليهم وأسرهم، معتبرا ذلك يشكل سببا يساهم مساهمة فعالة في تشجيع الشباب على الانضمام إلى المنظمات الإرهابية.
ويرى بالمقابل أن في الاهتمام بالمجني عليهم ضحايا العمليات الإرهابية وبأسرهم وبيان حالهم المأساوي والدراماتيكي بعد العمليات الإرهابية، علاجا فكريا ونفسيا لبعض الشباب، قد يثنيه عن المضي قدما في أوهامه الشيطانية التي تلقاها من الإرهابيين. ونحن نثني على ملاحظته ونؤكد عليها، فإعلاميا تتصدر صور الإرهابيين وأسلحتهم ولباسهم شبه العسكري صفحات الجرائد، وشاشات التلفزيون، ووسائل التواصل الاجتماعي، وكأنهم أبطال مجاهدون، أبواب الجنة مفتوحة لهم والحور العين بانتظارهم، وقانونيا نلحظ التركيز على أقوالهم وأقوال محاميهم المغلفة بأسباب الإباحة وموانع المسؤولية، وقضائيا يحكمنا في محراب العدالة مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن لَهُ فيها وسائل الدفاع عن نفسه.. وبين هذا وذاك يختفي حال المجني عليه وأسرته ويقف خلف الأضواء..
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كنّا منتبهين لما يقوله هذا الخبير في حادث الإمام الصادق (ع) ؟ فإذا لم نكن كذلك، فذلك ليس عيبا، ولكن العيب في أن نستمر بذلك.. إننا نرى وبحق أن الاهتمام بضحايا العمليات الإرهابية وتسليط الضوء على معاناة أسرهم بصفة مستمرة ولمدة طويلة، وسيلة مجدية نكافح بها الإرهاب الأعمى، وتمثل دواء ناجعا للنفس البشرية مهما كانت موغلة في الإجرام.
القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2015/12/13