عبد الباري عطوان

  • أكراد سورية استوعبوا الدّرس وقَرّروا التخلّي عن أمريكا قَبلَ أن تَتخلّى عنهم..

    تَستأنِف بعد غَدٍ الثلاثاء في جنيف المُفاوضات “المُباشرة” حول كيفيّة التوصّل إلى حلٍّ سياسيٍّ للأزمة السوريّة، بمُشاركة وَفدْ الحُكومة بقِيادة الدكتور بشار الجعفري، وحُضورِ وَفدٍ مُوحّدٍ عن المُعارضة السوريّة برئاسة السيد نصر الحريري، مُنسّق الهيئة العُليا الجديد، ولكن هُناك شُكوكٌ حقيقيّةٌ حول فُرَصِ نَجاحِها، لسببٍ بسيطٍ لأن العمليّة السياسيّة الحقيقيّة هي تِلك التي تَجري في مُنتجع سوتشي، برعايةٍ روسيّةٍ مُباشرةٍ، ومُباركةٍ إيرانيّةٍ تركيّةٍ ومُوافقةٍ رسميّةٍ سوريّةٍ، وتحت عُنوان الحِوار الشّعبي السّوري.

  • الرئيس البشير يَشُقْ عصا الطّاعة على حُلفائه السّعوديين من موسكو ويُعارض الحَرب ضِد إيران ويُعلنها على أمريكا..

    عندما يُعلن الرئيس السوداني عمر البشير من موسكو، وبَعد لقائِه نَظيره الرّوسي فلاديمير بوتين مُعارضته لأيِّ مُواجهةٍ عَسكريّةٍ أو سياسيّةٍ بين العَرب وإيران، وأن ما تُعانيه المِنطقة من أزماتٍ سَببه التدخّلات الأمريكيّة الأوروبيّة التي ساهمت في تقسيم السودان، فإنّ هذا يَعني حَركة تَصحيح لانقلابِه الثاني الذي فاجأ الكَثيرين عندما زَجّ بالسودان في حرب اليمن، وانحاز إلى المُعسكر الأمريكي ومُخطّطاته في تَقسيم المِنطقة، وأعاد البِلاد إلى مَوقِعها الحَقيقي في وَسط مِحور المُقاومة مُجدّدًا.

  • ثلاثةُ شُروطٍ أساسيّةٍ لا بُد من تَوفّرها لنَجاح حَمْلة الفَساد في السعوديّة..

    احتلّت مَسألة اعتقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، عددًا كبيرًا من أبناءِ عُمومته من أُمراء الصّف الأول تحت عُنوان مُكافحة الفساد، مَكانة بارزةً في الإعلامين العربي والدّولي، وشَكّلت “زِلزالاً” غير مَسبوقٍ، بكُل ما تَعنيه الكلمة، تجاوزت ارتداداتُه حُدود المملكة العربيّة السعوديّة إلى دولِ الجِوار وما عَداها، حتى أن أحد الكُتّاب المِصريين حَرّض على تِكرار النّموذج نفسه في بِلاده، وإجراءِ حملةِ اعتقالاتٍ واسعةٍ في صُفوف “حيتان” رجال الأعمال الذين نَهبوا ثَرَوات الشّعب المِصري الفَقير الكادِح.

  • لماذا تُلخّص ابتسامة الأسد وعِناقِه الحار لبوتين في قِمّة سوتشي هَويّة “سورية الجديدة”؟

    الابتسامة العريضة جدًّا التي ارتسمت على وَجْه الرئيس السوري بشار الأسد، أثناءَ لِقائِه الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين في مُنتجع سوتشي، جنوب غرب روسيا قبل ثلاثة أيّام، وجَرى كَشْف النّقاب عنها اليوم، تُلخّص بدِقّةٍ حاضرَ سورية ومُستقبلها، وتُؤكّد أن الرئيس السوري باقٍ في السّلطة، وربّما في وَضعٍ أكثر قوّةً وشرعيّةً.

  • تِجارَة “العبيد” في ليبيا.. آخر ما تَوقّعناه في هذا البَلد المَنكوب بعد استثمارِها المِليارات في أفريقيا..

    لم يَخطر في بالنا مُطلقًا كعَرب، أن نَعيش يومًا، وفي القَرن الواحد والعشرين، نَرى فيه تجسيدًا حيًّا لتجارةِ الرّقيق في بُلداننا، وعلى أراضينا، ومن قِبَل الذين يَدّعون أنّهم يَنتمون إلى هذهِ الأمّة العَريقة، والعقيدة الإسلاميّة السّمحاء، التي كانت أوّل من حاربَ هذهِ الظّاهرة المُخجلة.

  • إنّهم يَقْرَعونَ طُبولَ الحَربِ في لبنان تحت قُبّة الجامعة العَربيّة وإن أجّلوا..

    تَحوّلت جامعة الدول العربيّة في السّنوات العَشر الأخيرة إلى أداةٍ لإشعال الحُروب وتَخريب الدول العربيّة وتَفتيتها، إلى جانب تَحوّلها إلى مِظلّةٍ “طائفيّةٍ” بغيضةٍ تُوفّر الغِطاء والشرعيّة لكُلِّ أوجه العُدوان الأمريكي والغَربي على الأمّة، أشعلت حَربًا في سورية استمرّت سَبع سنوات، وأُخرى في ليبيا حَوّلتها إلى دولةٍ فاشلة، وباركت ثالثة في اليمن مُستمرّة منذ عامين ونِصف العام، وها هي تتأهّب لتَفجير الحَرب في لبنان بضَغطٍ من دول الخليج، والمملكة العربيّة السعوديّة على وَجه الخُصوص.

  • ثلاثة “أبطال” خَرجوا من بين ثنايا أزمة الحريري.. لماذا نَعتبر أعداء السعوديّة أكبر المُستفيدين حتى الآن؟

    إذا صحّت النظريّة التي تقول أن المملكة العربيّة السعوديّة استدعت الشيخ سعد الحريري إلى الرياض، وأجْبرته على الاستقالة من رئاسة الوزراء من أجل خَلْق أزمةٍ سياسيّةٍ، وحالة فَوضى في لبنان تَنعكس سلبًا على إيران وحُلفائها، و”حزب الله” على وَجه الخُصوص، فإنّ هذا المَشروع السعودي أعطى نتائجَ عكسيّةٍ تمامًا، تَصُب في مَصلحة أعدائها، وتُقلّص نُفوذها، وتُحرج حُلفائها، وتَفرض عليها عَزلةً دوليّةً، وربّما إقليميّةً أيضًا.

  • لماذا فَجّر رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي قُنبلةَ التّعاون العَسكري الاستخباري مع السعوديّة ضد إيران الآن؟

    المُفاجآت تتوالى، والصّدمات تتكاثر، ورِياح الحَرب تَهُب على المِنطقة، وكأنّ حُروب سورية واليمن وليبيا والعراق (جُزئيًّا) لا تَكفينا، فبَعد صدمة فَرْض الإقامة الجبريّة على “الشيخ” سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان، وتَجريده من “مَشيخته”، وإجباره على قراءة خِطاب استقالته في الرّياض على شاشة قناة “العربيّة”، ها هي صحيفة “إيلاف” الإلكترونيّة السعوديّة الملكيّة، الصّادرة في لندن، تُجري مقابلةً مع الجِنرال الإسرائيلي غادي إيزنكوت، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، يُؤكّد فيها أن حُكومته مُستعدّةٌ لتَبادل المَعلومات الاستخباريّة مع السعوديّة لمُواجهة طهران.

  • مُشكلة الحريري في ازدواجيّة هَويّته.. وتَناسيه أنّه يَخضع لسُلطة كَفيله السّعودي..

    المُعضلة الكُبرى للسيد سعد الحريري، فكّ الله أسره، إذا كان مُحتجزًا، ولا يوجد حتى الآن ما يُثبت عَكس ذلك، هي ازدواجيّة الهويّة، التي عانى منها والده من قِبْله، فهو نِصف سُعودي، ونِصف لبناني، والشّق السعودي هو الأقوى دائمًا، إلا فيما نَدر، خاصّةً في العَهد الحالي، حيث لا يَكُن له الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، والحاكم الفِعلي للبلاد الكثير من الوِد، ويَعتبره مَحسوبًا على جناح آل فهد، في الأُسرة الحاكمة، وهو جناح أُخرج من السلطة، وأحد رُموزِه عبد العزيز بن فهد الذي كان على بُعد خُطوةٍ واحدةٍ من تولّي العَرش خَلفًا لوالده، يَقبع حاليًّا في الإقامة الجبريّة في أحد قُصورِه.

  • مُقابلة الحريري زادت حالةَ اللّغط والغُموض التي أحاطت بظُروف استقالته و”احتجازه”..

    لا نَعتقد أن تزامن مُقابلة الرئيس سعد الحريري مع طَلِب المملكة العربيّة السعوديّة عَقد اجتماعٍ طارِىء لوزراء الخارجيّة العَرب لبَحث التدخّلات الإيرانيّة في العَديد من دُول المِنطقة كان صُدفةً، وإنّما خُطوة مَحسوبة بعِناية، في إطارِ خُطّة تحشيد وتَصعيد لزعزعة الاستقرار في لبنان، وإشعال فَتيل الحرب ضِد “حزب الله”.

  • إذا حذّر تيلرسون من نَقل الحَرب ضِد “حزب الله” في لبنان فاستمعوا له..

    عندما يُؤكّد ريكس تيلرسون، وزير الخارجيّة الأمريكي على استقلال لبنان، واحترام بِلاده للسيد سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان، “المُحتجز″ بصِفته شريكًا قويًّا لأمريكا، ويُحذّر من تحويل هذا البلد، أي لبنان، إلى ميدانٍ للحَرب بالإنابة، فإنّه يُوجّه هذا الكلام إلى طَرفين أساسيين: الأول، هو القيادة السعوديّة، والثاني هو نَظيرتها الإسرائيليّة، وينأى ببِلاده عن أيِّ مُخطّطات للتدخّل عَسكريًّا في لبنان.

  • الأمير محمد بن سلمان بين مَدرستي بوش الأب والابن ومكيافيلي.. هل يُمكن أن تكون القَوميّة العَربيّة بديلاً لسَيف الوهابيّة؟

    من يُتابع القرارات والاعتقالات وسياسة القَبضة الحديديّة، التي يُقدم عليها الأمير محمد بن سلمان، سِواء داخل المملكة العربيّة السعوديّة أو في الجِوار الإقليمي، يَخرج بانطباع بأنّه يَسير على خُطى مَدرستين سياسيّتين، الأولى هي مدرسة جورج بوش الأب والابن التي تَرتكز على مَنهج “الصّدمة” و”التّرويع″ أو “Shock and Awe” ، ومن ليس مَعنا فهَو ضِدنا، و ”المَدرسة المكيافيليّة” التي تُوصي “الأمير” بعَدم إظهار أيَّ رحمةٍ مع خُصومه السياسيين، وحتى افراد شعبه، لأن الاحترام والرّهبة أهم من الحُب.