غمض عينك وانتخب
عبد اللطيف الدعيج ..
نعم.. غمض عينك وانتخب، أو الأفضل «غزِل بزِل» وانتخب، تبرئ ذمتك وتفك عمرك. فأنت بهذا لن تخطئ الهدف، وبالتالي لن تخسر شيئاً على الإطلاق. فمرشحونا حتى الآن كلهم «طقة واحدة». ليس هناك فرق بين هذا وذاك. بين الملتزم وغير الملتزم. بين مرشح أول مرة وبين المعتق الذي أدمن الترشيح. شيخهم مثل فتاهم. ليس لديه شيء ولا علم ولا حتى حلم.. كل ما لدى مرشحي اليوم هو انتخبوني أو «تكفون يا هلي». وإذا سألت لماذا.. أي لماذا ننتخب حضرتك.. فستجد الإجابة واحدة وجاهزة لدى كل المرشحين. في واقع الأمر فأن أي مرشح منهم في إمكانه الإجابة نيابة عن بقية المرشحين، ولن يعترض أو يختلف أحد. فكلهم مثل ما قلنا «طقة واحدة»، وكلهم حسب الزعم يريدون الإصلاح ومحاربة الفساد.
كل مرشحي هذه الانتخابات، وبلا استثناء، يريدون الإصلاح. وكلهم وبلا استثناء أيضاً لا يشير إلى ما يريد إصلاحه. وطبعاً شعار محاربة الفساد يرفعه إلى حد ما كل من في الكويت. مرشحون وغير مرشحين. ولا يمكن لأي تنظيم أو جماعة، أياً كانت، أن تصدر بياناً أو تعلن خطاباً دون أن يمر على الفساد وعلى ضرورة محاسبته. لكن أيضاً وبالطبع فأن أحداً لا يحدد لنا ما هو الفساد.. وأين هي أماكنه، والأهم من هم الفاسدون. لا يمكن أن يكون هناك فساد من دون فاسدين، ولا يمكن أن يكون هناك فاسدون من دون ما هو فاسد. فمن هم الفاسدون وأين ما أفسدوه.
الإصلاح هو الآخر ليس أفضل حظاً من دعوى محاربة الفساد. فأحد لا يشير إلى الاعوجاج ولا إلى أشكاله. قبل أن تصلح يجب أن تعرف أو تُعرِف ما تنوي إصلاحه. أي أن تشير إلى الاعوجاج.
في واقع الأمر كل ما يشير إليه جميع الناس هنا هو «القصور». فحسب الأغلبية من الكويتيين، سياسيين وغير سياسيين، هناك قصور في كل شيء، وسبب هذا القصور وكما هو واضح وبلا عناء.. هو أن الناس هنا يريدون من الدولة أن توفر كل شيء، من الإبرة إلى الصاروخ، وأن ترعى المواطن من المهد إلى اللحد. وهذا وفي ظل تراجع أسعار النفط أو خطورة تراجعها من المحال تفاديه هذه الأيام.
لهذا في النهاية.. غمض عينك وانتخب، فمرشحونا جميعاً سواء، ومثل ما قلنا «كلهم طقة واحدة».. أي أن كلهم ما يعرفون كوعهم من بوعهم.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/11/13