هايل الشمري ..

لم يكن توظيف نجل الوزير بطريقة غير نظامية وحده الذي أزعجني، ولا أن هناك 10 وزارات ارتكبت مخالفات وظيفية مماثلة متجاوزة الضوابط والشروط اللازمة للتعاقد، إنما الذي يحز في نفسي أكثر، مصير ذلك الشاب الذي كان من المفترض أن يكون في مكان ابن الوزير، ومثله العشرات ممن حرموا وظائف مستحقة في تلك الوزارات، لا لسبب سوى أن كفة "الواو" غلبت في الميزان كل المؤهلات والخبرات مجتمعة!

فلا أعلم أي قدر يعيشه ذلك الشاب وزملاءه الآن، وماذا فعلوا بشهاداتهم وخبراتهم التي سهروا وتعبوا من أجل الحصول عليها، قبل أن يصحوا ويجدوا واقعا مغايرا عما كانوا يحلمون به البارحة!

هل يا ترى من بينهم ذلك الشاب الجامعي الذي امتهن بيع الشاي على الجمر، أم أنه أحدهم الذي انتهى به المطاف بائعا في محل بيع الخضار والفواكه؟!

من يدري لعل بينهم من كان يأتي منتصف النهار ليقف أمام الإستاد الرياضي، لكن ليس بانتظار دخول الملعب ومشاهدة "الديربي"، إنما ليحجز مكانا يبيع فيه المرطبات وغيرها على الجمهور، ثم عندما ينتهي اللقاء ويرحل المشجعون، يجمع بضاعته عائدا إلى بيته غير آبه لما آلت إليه نتيجة المباراة!

كل من سبق ذكرهم، كان من المفترض أن يكونوا في مستقبل وظيفي مختلف تماما لما هم عليه الآن، لو لم تتدخل أيادٍ ما لتزيحهم وتضع مكانهم أحد أبناء المسؤولين النافذين!

هي حالات محدودة التي وضعت "نزاهة" عينها عليها وسط نظرة عابرة منها، فاكتشفت رغم هذا مخالفات بالجملة في التعاقد والتوظيف، لكن الحقيقة أن هناك أضعافها من القصص المشابهة، وإن شئت قل المئات إن لم يكن الآلاف!

ما يخفف عني عبء مثل هذه التساؤلات، مسلّمة أن "الأرزاق بيد الله"، وتذكر ذلك البائع الذي قال لو أنه خيّر بين عمله هذا، ووظيفة تلائم مؤهلاته العلمية، ما تردد لحظة في أن يختار ما هو عليه الآن!

صحيفة الوطن أون لاين