قرار أوبك.. وعودة منافسة النفط الصخري
عبدالعزيز المقبل ..
ما إن انتهى اجتماع أوبك التاريخي بحد الإنتاج عند ٣٢.٥ مليون برميل نفط يوميا إلا وتتابعت التنبؤات بارتفاع الأسعار للبرميل لمعدل سعري عند ٥٥ إلى ٦٠ دولارا للبرميل، وهو ما يعتبره المحللون النفطيون سعر التكافؤ أو السعر المستهدف لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، حسابيا هو تحليل منطقي ومقنع إلا أن الجانب العملي في هذه التحليلات أصعب من مجرد معلومة سعر التكافؤ.
سعر التكافؤ وحده لن يحرك صناعة النفط الصخري الأمريكي فهناك معايير أخرى لا تقل أهمية عن سعر التكافؤ، بعض أهم هذه المعايير هي كما يلي:
١- الملائة المالية لبدء عمليات الإنتاج، كما هو معلوم فإن الحصول على امتيازات نفطية وطلب منصات الحفر والتكسير الهيدروليكي يتطلب أموالا طائلة. لن تكون القروض وحدها كفيلة بتلبية متطلبات البداية، يجب أن لا ننكر أن هناك عزوفا من بيوت الأموال والبنوك ورؤوس الأموال عن الدخول في مجال النفط الصخري عالي الخطورة.
٢- معدل انحدار الإنتاج خلال السنة الأولى من التشغيل يفوق الانحدار في الإنتاج من حقول النفط التقليدي بما يزيد عن ٧٠ في المئة وهو ما يفرض على المنتجين حفر مواقع جديدة بشكل أكثر وفي مساحة جغرافية أصغر وهو ما يعني تكاليف رأس مالية مستمرة حتى وإن لم تكن بنفس تكلفة حقول النفط التقليدية.
٣- الفترة الزمنية المتطلبة لإكمال دورة الاستثمار، التشغيل المستمر لمنصات الحفر والإنتاج مع تغيير سريع لمواقع الحفر يتطلب إمدادا ماليا مستمرا، وهذا ما يجعل دورة الاستثمار غير محددة بجدولة بنكية، فترة استكمال دورة الاستثمار تعتبر قصيرة إلا أنها سرعان ما تدخل سريعا في مواقع حفر جديدة .
٤- القدرة على الاستدانة المستمرة، المفاجآت في عمليات الحفر والإنتاج لا تتوقف وهو ما يجعل الحاجة إلى الاستدانة والحفاظ على العمل مطلب مالي مهم لا يمكن فيه تعليق العمل أو الانتظار حتى موافقة تمويل جديد، كما أَن التدفق المالي من العمليات لا يكفي لاستخدامه في تكاليف رأس مالية أكبر كلفة.
٥- جاهزية شركات الخدمات من الناحية العملية والكوادر البشرية المتخصصة، مجموع الكوادر العاملة في مجال النفط الصخري والتي تم الاستغناء عنها خلال فترة نزول أسعار النفط يزيد على نصف مليون وظيفة، معظمهم ذهب إلى مجالات أخرى غير الصناعة النفطية، كما أن كثيرا من شركات الخدمات أعلنت إفلاسها خلال فترة نزول أسعار النفط، إعادة إنشاء هذه المجالات سيستغرق وقتا وجهدا واستثمارات جديدة.
٦- المناطق التي استمرت في الحفر خلال فترة نزول أسعار النفط هي مناطق الامتيازات الأقل تكلفة ولذلك في حالة ارتفاع الأسعار أكثر فإن المنافسة ستكون في مناطق أعلى تكلفة وهو ما سيدفع هوامش الربح لمزيد من التضييق.
٧- القدرة على صنع إستراتيجية للخروج بأقل خسائر والتزامات. التذبذبات السعرية في الأسواق العالمية تفرض عدم تكرار تجربة ٢٠١٤ وما حملته من خسائر طائلة لصناعة النفط الصخري والمستثمرين فيه.
بما لاشك فيه أن صناعة النفط الصخري كانت تجربة ثرية وأحدثت ثورة في عالم النفط والغاز إلا أنها في هذه الفترة تواجه تحديات أكبر من مجرد سعر التكلفة وحده، وهو مايتطلب تهيئة جميع المعايير المذكورة مجتمعة، كما أن الظروف الاقتصادية وقت ثورة النفط الصخري تختلف كثيرا عن الظروف الحاليّة، هذا لا يلغي الفرص الناجعة لعودة النفط الصخري متى ما لقي دعما استثنائيا من القيادة الأمريكية وبمشاركة القطاعات المالية والحكومية والصناعية الأمريكية.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/12/10