أقمار حلب تهزم قريش وأربابها...!
محمد صادق الحسيني ..
وأنا أشاهد عصابات القتل والإرهاب والحقد والدمار الشامل تتساقط كأحجار الدومينو أمام زحف رجال الله في حلب…
لو كنت أميركياً لكتبتُ: أنّ العالم بدأ ينهار أمام أعيننا ولا نملك القدرة على فعل شيء، انتهت اللعبة، باي باي أميركا…!
لو كنت «إسرائيلياً» لكتبتُ: أنّ حزب الله وإيران والأسد هزموني مجدّداً شرّ هزيمة…!
لو كنتُ تركياً أردوغانياً لكتبت: لقد تحوّلت أحلامي الإمبراطورية إلى سراب…!
لو كنتُ سعودياً لكتبتُ: لقد هُزمت قريش من جديد على أسوار قلعة حلب…!
مع بدايات العام 2012 حصل اجتماع مهمّ جداً في «غرفة عمليات هاتاي» في تركيا حضره يومها كلٌّ من رئيس جهاز المخابرات الأميركية «سي أي آي» ورئيس جهاز المخابرات التركية ورئيس المخابرات السعودية ورئيس القسم الخارجي في المخابرات «الإسرائيلية» ورئيس جهاز المخابرات القطري وضابطان رفيعا المستوى من مركز عمليات الناتو قرّروا خلال اللقاء فصل حلب عن حضن الدولة السورية بأيّ ثمن كان وإعلانها إمارة مستقلة بمثابة مقدّمة لتفكيك الدولة السورية…!
كان هذا بمثابة قرار مخابراتي دولي بقيادة واشنطن هدفه إسقاط حكم الرئيس السوري المنتخَب وتدمير الدولة الوطنية السورية وتمزيقها إلى دويلات…!
وهكذا تدفقت العصابات وقطاع الطرق والأموال والأسلحة والمستشارين باتجاه حلب وصار الجميع في الغرب وعند الأعراب يتحدّث عن ضرورة تغيير النظام في سورية وانّ الأسد راحل لا محالة وأنه غير قادر على الصمود والبقاء…!
يومها لم يكن أحد يتصوّر ولا للحظة واحدة أنّ ثمة من يملك في المقابل الرؤية الواضحة والبصيرة التامة والعزيمة والبأس والقرار لوقف حركة التاريخ بالتوقيت الأميركي مهما حصل…!
وأنه قادر بقدرة قادر أن يوقف عقارب الساعة الأميركية الإسرائيلية التي انطلقت في سورية، وأن يغيّر القدر لصالح دوران الساعة العربية الإيرانية الحزب اللهية المشتركة. نعم ودوران تاريخ ما قبل عصر الظهور، بل وحتى إن لزم الأمر تاريخ ما قبل يوم القيامة…!
وهكذا كان القرار في بيت قصر الشعب السوري، مع انطلاق المشهد الدمشقي الشهير، يوم اعتلى السيد حسن عبد الكريم نصرالله مع شقيقيه الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والسوري بشار حافظ الأسد سدة رئاسة عصر ما بعد الزمن الأميركي المتقهقر على بوابات الشام وتخوم حلب وأسوار الجليل الأعلى…!
هي الساعة التي تدور اليوم في حلب تماماً، الساعة التي تُجبر دونالد ترامب على الإذعان والاعتراف والإقرار بفشل أميركا بجمهورييها وديمقراطييها في إسقاط الأسد أو التغلب على بأس السوريين وصمودهم وشجاعة حلفائهم وصبرهم الاستراتيجي!
عندما يقول ترامب بأنه سيغيّر من سياسة أميركا التي كانت تلهث وراء إسقاط الأنظمة، هو في الواقع لا يمنحنا منّة أو فرصة من فضله، ولا يعبّر عن خلاف له مع أوباما، بقدر ما هو يذعن صاغراً بأنّ سياسة إدارتَيْ بوش الابن في العراق كما باراك أوباما في سورية قد هزمتا أمام إرادة وبأس الجيش العربي السوري وحلفائه من حرس ثوري إيراني وفصائل المقاومة من رجال حزب الله وغيرهم من مقاومات ومعهم الحشد الشعبي العراقي وحلفائه من قوات مكافحة الإرهاب المحلية وبقايا جيش الشعب العراقي…!
إنّ معركة تحرير حلب وإعادتها كاملة إلى حضن الدولة السورية، والتي تقترب في هذه اللحظة من نهاياتها المقرّرة، تثبت للعالم أجمع بأنّ تحرير كلّ شبر من سورية أمر ممكن وأنه حاصل لا محالة، وأنه لم يعد حلماً بعيد المنال…!
فالذي يحرّر حلب بجغرافيتها الكبيرة جداً وموقعها الجيوسياسي والجيو استراتيجي الخاص قطعاً هو أقدر على تحرير إدلب والرقة ودير الزور ودرعا والقنيطرة…!
وهذا الأمر حاصل لا محالة وقد بات قريباً، وعلى العالم الذي كان ينتظر رحيل الأسد في الأعوام 2012 و13 و14، أن يَعدّ أسماء الذين سيرحلون مع أوباما وما بعد بعد أوباما…!
إنها تجربة مدرسة الوحي المتجدّدة في سيرة ومسار رجال الله وانتصارات البصائر على جهل أبي سفيان وأبي لهب عصرنا الحاضر…!
لقد أرادوها معركة إسقاط لأطراف محور المقاومة الواحد بعد الآخر، فكان الموعد مع مَنْ يغيّرون القدر ويعيدون كتابة التاريخ ويرسمون ميتافيزيقا جغرافية لم يعهدها ضباط سايكس بيكو، ولا ورثتهم الجدد…!
إنهم الأقمار شاطري – خوشنويس، همداني – أبو وهب، الحاج علاء، الحاج حمادة، ومعهم وإلى جانبهم عشرات الأقمار من بواسل الجيش العربي السوري وعشرات النجوم التي كلما كان يسقط نجم من سماء حلب بين أهله كانت الشهباء حلب تجدّد سماءها الناصع بنجوم جديدة أكثر لمعاناً…!
ونحن نتابع أخبار انتصاراتكم سادتي، أقول بلسان كلّ عربي لم يتسنّ له المشاركة معكم:
يا ليتنا كنا معكم سادتي فنفوز فوزاً عظيماً، طبتم وطابت الأرض التي حرّرتم…!
حلب تنتصر على أعدائها وتغيّر وجه العالم، لأنّ أوجه الذين دافعوا عنها كانت حزمة أنوار قلّ نظيرها في تاريخ تتابُع الأبدال وتواصُل الأجيال…!
بعدنا طيّبين قولوا الله.
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2016/12/11