حدِّث العاقل بما يعقل!
علي أحمد صحفان ..
عندما تنظر إلى سوق العمل في المملكة، تستغرب ما تراه من بطالة، في وقت يكتظُّ القطاع الخاص بملايين العمَّال الأجانب في تخصُّصات مهنيَّة وإداريَّة، على الرغم من توفرها لدى الشباب السعودي، ويعزو القطاع الخاص السبب إلى قلَّة الخبرة، وعدم التأهيل لديهم، فأين ستتاح له الخبرة، إذا لم يستطع الحصول على وظيفة يمارس فيها العمل ليكتسب الخبرة، أمَّا التأهيل فهو من أساسيَّات أيِّ شركة تتطلَّع إلى النجاح والاستمراريَّة، هي من تقوم بتدريب موظَّفيها وتأهيلهم حتَّى تستفيد منهم الاستفادة الكاملة، ولنا بشركة أرامكو، وشركة سابك، وشركة الكهرباء، والمؤسَّسة العامَّة لتحلية المياه مثالٌ حيٌّ للنجاح الذي حقَّقته في مجال التدريب والتأهيل.
فهناك الكثير من الخريجين من كافَّة التخصُّصات يبحثون عن العمل الموافق لتخصُّصاتهم، ويعجزون في الحصول على فرصة في القطاع الخاص، إمَّا بحجَّة عدم الخبرة، وقلَّة التأهيل، أو عدم وجود وظائف، وعندما ننظر إلى سوق العمل من المهندسين مثلاً، تفاجأ بالعدد الكبير من المهندسين الأجانب، حيث يبلغ عددهم نحو 200 ألف مهندس، في حين أنَّ عدد المهندسين السعوديين لا يتجاوز 35 ألفًا، أي ما يعادل 15%، وتفاجأ أنَّ بعض الشركات والمكاتب الهندسيَّة عملت على استقدام مهندسين حديثي التخرُّج ليست لهم أيّ خبرة في العمل، فاستقدامهم يقضي على فرص المهندسين السعوديين الذين هم أحقُّ بالعمل منهم.
والمشكلة أنَّ برنامج «طاقات» الذي تشرف عليه وزارة العمل، وإدارة الموارد البشريَّة، ويقوم بتوظيف الشباب السعودي، وتوفير احتياج الشركات، تتعامل معه الشركات بعدم جديَّة، من خلال ما تطرحه من إعلانات عن وظائف عبر البرنامج، والرواتب التي تقدمها.. فهل من المعقول أنْ يقبل مهندسٌ حاصلٌ على البكالوريوس، العمل بمرتب بين 1500- 3000 ريال، أو مهندس لديه خبرة 12 عامًا بمرتب 12000 ريال، أو مدرس براتب 1500 ريال؟! حدِّث العاقل بما يعقل، فهذه الشركات متأكِّدة أنَّه لن يتقدَّم أحد لهذه الوظائف، بمثل هذا المرتب؛ ممَّا يتيح لها الاستقدام من الخارج لشغلها، ولكن أين وزارةُ العمل، والمواردُ البشريَّة، من هذه الممارسات التي تقوم بها؟!
من المفروض أنَّ القطاع الخاص الذي قدمت له الدول كافَّة التسهيلات والامتيازات والقروض، وتنفيذ المشروعات ليكون فاعلاً وشريكًا رئيسًا في التنمية، أن يردَّ، ولو قليلاً من حق الوطن عليه، وأن يتعامل مع ما تطرحه الدولة من حلول لمشكلة البطالة بكلِّ جديَّة، وأن يكونَ شريكًا حقيقيًّا يساهم في حلِّها.
يجب أن يكون دور وزارة العمل في التوظيف أقوى ممَّا هو عليه الآن، فما يواجهه الشباب السعودي من معوِّقات وعراقيل في القطاع الخاص يجب أن يوضع له حد، فالمواطن هو الأولى بالحصول على الوظيفة من غيره.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/28