لجدل حول العرض المصري بإرسال 40 ألف جندي إلى اليمن يتصاعد..
عبد الباري عطوان
تراجع اللواء أحمد عسيري، مستشار الدفاع السعودي عن تصريحات أدلى بها، وكشف فيها أن مصر عرضت إرسال حوالي 40 ألف جندي للمشاركة في حرب اليمن، وقال إن هذا العرض لا علاقة له بالحرب في اليمن، وإنما في إطار اقتراح جرى التقدم به إلى الجامعة العربية لتشكيل قوة عربية مشتركة تتدخل في النزاعات العربية بشكل عام.
هذا التراجع من قبل اللواء عسيري جاء بعد نفي مصدر رسمي مسؤول هذا العرض جملة وتفصيلا، وأكد أن المشاركة المصرية في حرب اليمن تقتصر على الطائرات والسفن الحربية فقط، واستغرب المصدر نفسه إطلاق تصريحات في هذا الشأن في وقت تتحسن فيه العلاقات المصرية السعودية، ويوشك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القيام بزيارة رسمية إلى الرياض تلبية لدعوة تلقاها من العاهل السعودي على هامش قمة عمان العربية في أواخر آذار (مارس) الماضي.
***
الجذور الرئيسية للخلافات المصرية السعودية تعود في رأينا إلى عدم تجاوب السلطات المصرية مع طلبات سعودية بإرسال قوات برية مصرية للقتال في اليمن في إطار التحالف العربي الذي تقوده المملكة، فالقيادة السعودية التي قدمت أكثر من ثلاثين مليار دولار كمساعدات مالية لمصر، اعتقدت أن القيادة المصرية ستساهم مساهمة كبيرة في هذه الحرب اليمنية، وخاصة بإرسال قوات برية.
وما ينطبق على العلاقات المصرية السعودية ينطبق أيضا على نظيرتها السعودية الأردنية، فالعاهل الأردني رفض إرسال قوات أردنية خاصة إلى اليمن بطلب سعودي، لأنه كان يدرك، وهو العسكري، أنه من الصعب الانتصار في هذه الحرب، مضافا إلى ذلك مواجهته مسألة دينية ربما تغيب عن أذهان الكثيرين، وهي أن الحوثيين هم “هاشميون”، أي من آل البيت.
إرسال أي قوات مصرية للقتال في جبهات خارج الأراضي المصرية يعتبر من الخطوط الحمر بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية المصرية، وما زالت تذكر هذه المؤسسة خسارتها أكثر من 20 ألف جندي في حرب اليمن في الستينات التي استنزفتها ماليا وبشريا لعدة سنوات، ولعب هذا الاستنزاف دورا بارزا في هزيمة عام 1967.
تصريحات اللواء عسيري رشت الكثير من الملح على جرح العلاقات السعودية المصرية الذي لم يلتئم بعد، ونحن هنا لا نتحدث عن الشفاء التام، فما زالت قضية السيادة على جزيرتي “تيران” و”صنافير”، التي تحظى باهتمام شعبي مصري كبير، تشكل عقبة في طريق تحسن هذه العلاقات.
***
في جميع الأحوال، فأن هذه التصريحات سلطت الأضواء على حرب اليمن، والمأزق الذي يعانيه التحالف العربي السعودي فيها، فالانتصار في هذه الحرب يزداد بعدا وكلفه يوما بعد يوم، واحتمالات الخروج بأقل الخسائر باتت شبه معدومة.
السودان أرسلت قوات برية للقتال في إطار التحالف العربي المذكور، واعترفت للمرة الأولى بمقتل خمسة من جنودها بينهم ضابط وإصابة عشرين آخرين، الأمر الذي فجر حالة من الغضب في أوساط قطاع من الشعب السوداني.
مقتل جندي مصري واحد في اليمن تكون له تداعيات خطيرة في أوساط المصريين، الذين ما زالوا يعانون من كارثة قواتهم هناك في الستينات، ولا بد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وقيادته العسكرية تدرك هذه الحساسية جيدا، وتتجنب تكرار الكارثة نفسها مهما كان حجم المساعدات المالية السعودية في المقابل.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/04/18