عدوان إسرائيلي بعد الأمريكي على سورية؟ ما هو الجديد؟
عبد الباري عطوان
قصفت دولة الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم (الخميس) مخزنا قرب مطار دمشق الدولي بعدة صواريخ، قال المصدر السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، أن هذا المخزن هو مستودع أسلحة لـ”حزب الله” اللبناني.
هذا القصف الصاروخي الذي انطلق من قاعدة قرب هضبة الجولان، جاء بعد أيام من قصف صاروخي أمريكي بصواريخ “توماهوك” استهدف قاعدة الشعيرات الجوية السورية في محافظة حمص، وبعد شهر من غارة إسرائيلية على أهداف عسكرية سورية قرب مدينة تدمر.
سورية هي الدولة العربية الوحيدة من بين دول المواجهة والمحاذية لحدود فلسطين المحتلة (إلى جانب لبنان) التي ما زالت في حال حرب مع إسرائيل، ولم توقع معها أي اتفاق، أو معاهدة سلام، ولهذا ما زالت تشكل هدفا للقصف الإسرائيلي.
***
الحكومة الإسرائيلية لا تعترف مطلقا بمثل هذه الاعتداءات، وغارات اليوم الصاروخية ليست استثناء، والمرة الوحيدة التي خرجت فيها عن هذا التقليد كانت في شهر آذار (مارس) الماضي عندما اضطرت للاعتراف بسقوط صواريخ سورية أطلقتها الدفاعات الأرضية السورية على الطائرات التي قيل أنها ضربت قافلة أسلحة حديثة كانت في طريقها إلى “حزب الله” اللبناني.
وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال إن حكومته ستتدخل في كل مرة تتبلغ فيها معلومات خطيرة عن نقل أسلحة إلى “حزب الله”، وجرى تفسير هذا التصريح بأنه اعتراف بالمسؤولية عن القصف الصاروخي الأحدث لأهداف في العمق السوري.
لم تدن أي دولة عربية هذا العدوان الإسرائيلي على بلد عربي مطلقا، بل لا نبالغ إذا قلنا أن حكومات عربية عديدة احتفلت به، وتمنت لو أنه أحدث خسائر بشرية ومادية أكبر، فإسرائيل لم تعد عدوا للكثير منها، والخليجية خاصة، بل حليفا وثيقا يمكن الاعتماد عليه.
الأنباء القادمة من واشنطن تؤكد أن الرئيس دونالد ترامب يستعد للقيام بجولة في منطقة الشرق الأوسط تشمل تل أبيب ورام الله وعمان والرياض في إطار خطته لتأسيس “حلف ناتو عربي سني”، للتصدي للتمدد الإيراني، وستكون إسرائيل حجر الزاوية في هذا التحالف بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن المؤكد أن سورية، باعتبارها الحليف الاوثق لإيران، والأكثر عداوة لإسرائيل والمخططات الأمريكية في المنطقة، ستكون على قائمة أهداف هذا الحلف المدعوم أمريكيا.
موسكو وعلى لسان السيدة ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أدانت “الأعمال العدوانية ضد سورية وتعتبرها غير مقبولة وتخالف مبادئ وأعراف القانون الدولي”.
الموقف الروسي بدا أقل شراسة من نظيره السابق الذي صدر في أعقاب الغارة الجوية الإسرائيلية على ما قيل أنه قوافل أسلحة في طريقها إلى حزب الله قرب مدينة تدمر، حيث استدعت الخارجية الروسية السفير الإسرائيلي في موسكو وسلمته احتجاجا شديد اللهجة، لكن من غير المستبعد أن تقدم القيادة الروسية على الرد بتسليح الجيش السوري ودفاعاته الأرضية بصواريخ قادرة على مواجهة مثل هذا العدوان في المستقبل.
لجوء الجيش الإسرائيلي إلى استخدام الصواريخ، وليس الطائرات في القصف هذه المرة، يعكس تغييرا في الإستراتيجية، وتجنب إرسال طائرات خوفا من إسقاطها، مما يؤكد أن قيادة هذا الجيش يملك معلومات عن وجود وسائل وإمكانيات دفاعية جوية سورية يمكن أن تسقط أي طائرات إسرائيلية مغيرة.
***
سورية التي يخوض جيشها حربا شرسة ضد جماعات مسلحة مدعومة أمريكيا وتركيا وخليجيا منذ ست سنوات، وبهدف إسقاط النظام، ما زالت إلى جانب “حزب الله” تشكل الخطر الوحيد على دولة الاحتلال الإسرائيلي، لهذا تتواصل الضربات الجوية والصاروخية ضدها.
إنه عدوان إسرائيلي يعيد التذكير بالأسباب الحقيقية التي تكمن وراء استهداف سورية، دون غيرها من الأقطار العربية من قبل العدو الإسرائيلي، والولايات المتحدة الأمريكية، ومحاولة تجريدها من ما تبقى لديها من أسباب القوة، وأسلحة الدمار الشامل، وبما يمهد لغزوها واحتلالها وتفتيتها، مثلما حدث لليبيا والعراق واليمن.
القصفان الأمريكي والإسرائيلي أوسمة شرف لسورية، وجيشها، وشعبها الصامد، سواء اتفق معها البعض أو اختلف، فإسرائيل وأمريكا هما أعداء هذه الأمة، ومصدر كل الشرور والمؤامرات التي تستهدفها، وعندما يكون خيارنا بين خندق سورية أو المعسكر الإسرائيلي العدو، فإننا لا نتردد مطلقا بأن نقف في الخندق العربي السوري، هكذا تعلمنا في مدارس الكرامة والوطنية وعزة النفس العربية والإسلامية، والحياة مواقف عز.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/04/27