العلاقات الدولية في أزمة !
سعيد الفرحة الغامدي
أسئلة كثيرة وكبيرة يلزم الأمر طرحها وتفكيك مغازيها ومحاولة فهم واستشراف إلى أين يتجه العالم في عهد الرئيس ترمب الذي أعلن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية المناخ التي تم التوصل إليها في عام 2015م في باريس وبحضور أمريكي مدروس من إدارة أوباما بعد فشل عدد من الجولات وحوارات مكثفة بين أمريكا وكل دول العالم التي هي في مقدمة الدول الصناعية رائدة الابتكارات التقنية التي غيرت العالم خلال نصف قرن من الزمن وخاصة ثورة المعلومات في الثلث الأخير من القرن العشرين بكل ما قدمته من التسهيلات لمعرفة أسرار البيئة وآثار الانبعاثات الغازية الملوثة على حياة الكائنات على سطح الكرة الأرضية وفي محيطاتها المائية والغلاف الجوي الذي يحيط بكوكب الأرض.
وقرار ترمب الأخير أثار ضجة سياسية وإعلامية داخل أمريكا وفي العالم .. خاصة وأنه أتى بعد أول جولة له خارجية منذ توليه الرئاسة .. وآخر محطاتها كانت في أوروبا حيث أحدث ضجة وخلافات واضحة مع أكبر حلفاء أمريكا وأهمها.. ألمانيا حيث صرحت المستشارة ميركل بأن على أوربا الاعتماد على قواتها الخاصة لحماية أمنها واستقرارها ،وقد كان التصريح موجهاً لأمريكا وسياسة ترمب على وجه الخصوص.
وعلى ضوء ما يحصل في أمريكا وخارجها ،صرح هنري كيسنجر الوزير السابق في عهد نيكسون عدة مرات بأن العالم يقترب من نشوب حرب عالمية ثالثة وستكون إسرائيل المستفيد الأكبر والعرب الخاسرين الأكثر. والمراقب لكل ما يجري على الساحة الدولية من أحداث سياسية أمريكية غير مستقرة داخلياً وخارجياً واستفزازات من كوريا الشمالية وتحديات إيرانية لمنطقة الشرق الأوسط وحتى في داخل البيت الخليجي يوجد تناقضات تخدم مخططات الأعداء وتثير المخاوف من تصاعد الخلافات الداخلية في وقت العلاقات الدولية تمر بأسوأ حالاتها.. يفهم ما ذهب إليه كيسنجر من تحذيرات بأن العالم يقف على حافة حرب عالمية ثالثة .
النظام العالمي الحالي يعتمد على وجود أمريكا كممول رئيس وضامن وقوي من النواحي الاقتصادية والعسكرية والمنافسة التي تواجهها من الصين غير المستعدة في المرحلة الراهنة لتحمل المسؤولية التي تضطلع بها أمريكا،وإدارة ترمب تنقصها الخبرة في التعامل مع الأزمات العالمية خاصة وأنها تواجه أزمة داخلية تهدد استمراريتها وتصرِفها عن التركيز على الأمور الأهم في العلاقات الدولية. وأمريكا عندما تقلص دورها على المسرح الدولي يحدث عدم توازن بين الأقطاب الرئيسية في المعادلات الدولية ،وقد تعود ذكرى ما حصل في بداية القرن العشرين التي قادت لحربين كونيتين الأولى والثانية ،والتاريخ لا ينسى هول ما حصل من قتل ودمار في تلك الحروب إلا أنه بالوضع الحالي فإن حجم الأسلحة وقدرتها على الدمار الشامل تفوق سابقتها بمئات المرات وسرعة تناقل المعلومات لا حدود له ويصبح الفعل ورد الفعل في متناول المقتدرين على تدمير العالم وبأسرع وقت.
ومعضلة العلاقات الدولية في هذه المرحلة أنه لا يوجد قيادات من الوزن الثقيل تستطيع إخراج العالم من دائرة احتمالات حروب مدمرة.
والعجز عن احتواء أزمة صغيرة داخل مجلس التعاون الخليجي له علاقة بما يمر به العالم من تخلخل في العلاقات الدولية.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/06/05